النكبة بواقع يومي

21 مايو 2017
69 عاماً لم تلغ توارث القضية (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -
قبل 69 عاماً سُرقت الأرض وتاه الكيان وتشتت الأهل. قبل هذه السنوات كانت الأرض تمتد طويلاً من الشمال، حيث الجبال اللبنانية والسورية، إلى الجنوب لتحاذي الصحراء المصرية. كانت الأرض مداداً عربياً لأصحابها الذين كانوا يسعون إلى التخلص من الانتداب البريطاني. لم يكن في ذهنهم أن الاحتلال المؤقت، سيصبح سرقة أبدية وصراعاً يشعل الشرق الأوسط أجيالاً وأجيالاً.

قبل 69 عاماً، كانت كل مقوّمات الدولة حاضرة، من سلطات محلية إلى مجالس تشريعية، وحتى قوى أمنية قوامُها أبناء البلاد الأصليون. لم يكن يشغل بال الفلسطينيين أن لا دولة حقيقية موجودة، وأن لا عضوية للكيان في العصبة الأممية التي سبقت قيام الأمم المتحدة. كان الحلم أن تحظى الدولة أولاً بكينونتها، ومن ثم تأتي عضوية المؤسسات الدولية، سواء كانت أمماً متحدة أو متفرقة، أو صندوقاً للنقد أو للدين، أو محكمة للجنايات الدولية أو للاستنسابية. كلها مسائل لم تكن تخطر للفلسطينيين على بال، كان الأساس هو قيام الدولة على أرض الواقع.

غير أن لحظات مفصلية غيرت الأوضاع وعدلت الأولويات. لحظات هزيمة، حملت الكثير من المسميات، من النكبة إلى النكسة، لكنها لم تغير من واقع الحال شيئاً. واقع لا يزال الفلسطينيون يعيشون تداعياته كافة، وعلى أكثر من مستوى. واقع فرخ المزيد من الأزمات، وأدخل الفلسطينيين في صراعات كثيرة، أوصلت إلى حال الانقسام الفلسطيني القائم حالياً، والذي يمكن أن يوازي النكبة والنكسة معاً، خصوصاً بعدما دفع القضية الفلسطينية في أتون صراعات الأطراف العربية والإقليمية والدولية.

صراعات تنامت وانتشرت، لتصبح فلسطين وقضيتها هامشية نسبياً في ظل واقع الحال العربي اليوم. لكن في مثل هذا الوقت من كل عام، تعود القضية إلى الواجهة من باب "الذكرى" من دوة العبرة. ذكرى النكبة وبعدها النكسة تحضر اليوم بقوة، لكنها لن تلبث أن تسارع للخروج من الأضواء، لتبقى مرارة يومية لا يشعر بها إلا أصحابها الذين يعانون يومياً من ممارسات الاحتلال التي باتت أمراً واقعاً يتابَع من دون اهتمام، وكأنه شيء طبيعي رسخته السنوات التسع والستون.

دلالات
المساهمون