جزاء من ينام في غرفة مودرن

01 يناير 2019
عمل لـ آنا سيلفونتشيك/ بيلاروسيا
+ الخط -

حلم

أنت الذي سمعت الكابوس موسيقى، مرةً على الساكسفون، مرةً على الكونتراباص، مرةً على آلات لا تعرف اسمها. ساعةٌ وحولك دخان خشبة المسرح. ساعتان وأمامك العازفات. ثلاثٌ بين الجمهور. حتى انتصف الليل، حتى أمسكت حلمك بيدك كما يمسكون كؤوس البيرة.


■ ■ ■


أرق

زارت أنطونيا ابنتها في الجبل، ولم تستطع النوم.
الواحدة، الثانية، ولم تستطع.
هي عادةً تقلق إذا ابتعدت عن حيّ "البورن"، لكن قلقها هذه الليلة زاد.
الثانية وعشر دقائق، انفجرت بالغضب.
الغضب من نفسها أولاً وأخيراً.
فأولاً: هذا جزاء من يترك "البورن".
وخجلت أن تفصح عن "أخيراً"، فأخرجه الراوي من جرابه:
وجزاء من ينام في غرفة مودرن، فلا يسمع صرير السرير.


■ ■ ■


عطش

أنت عطشان، والماء في الثلاجة، والثلاجة في البيت.
عطشان، والبيت في حيّ "البورن"، و"البورن" جوارَ الحي القوطي، والقوطي في المدينة.
عطشان، والمدينة في العالم، والعالم في الكوكب الأرضي، والكوكب هو الوحيد الذي
فوقه حياة وماء.
عطشان، والماء في الثلاجة، والثلاجة في البيت.
عطشان، والبيت في "البورن"، و"البورن" هو الوحيد الذي فيه حياة وماء.


■ ■ ■


انطباع

كان أهدأ أيام سكنهِ في جادّة كوميرس على الإطلاق هو أول يناير: ينظر من الشباك الذي غطّاه بخار رقيق بفعل النار الهادئة تحت إبريق الشاي، فيرى الشارع كأنه في منع تجوال. "ما من أحد!" – يقول في نفسه – ويستغرب قليلاً قبل أن تساوره هواجس بعيدة وتبدّد ابتسامة كانت التمعت طفيفةً داخل حدقتيه: "كأنّ المنطقة وقعت تحت قبضة شارون".
مذاك، يناير تلو آخر، صار ذلك الانطباع القديم يعود إليه ليفسد عامَه الجديد!


■ ■ ■


على ما يرام

أول ما فعله فرانكو، لما فتح عينيه، أن حمد الله على العودة. تزحزح قليلاً وصرخ منادياً رئيس الحرس. جاء الأخير ورفع البلاطات، وقبل أن يقف فرانكو، أدّى الحارس التحية العسكرية آليّاً.
بعد وقوفه، أمر فرانكو بسرعة تجهيز الحمّام، وإحضار الملابس الجديدة من الخياط الخاص.
ساعة على المائدة، ونزل فرانكو ليتفقد الأحوال.
عندما عاد من جولته المسائية، كان مبسوطاً، وأمر الحارس بإرجاعه إلى حيث كان.
استغرب الحارس فعاجله: نفّذ! كل شيء كما ينبغي، ويلزمني قسط آخر من الراحة.


■ ■ ■


موجة

جدرانُ غرفتي ـ والحق يقال ـ بحالة ممتازة. لقد تحسّنت قَسَماتُها كثيراً، بعد الترميم.
هو فقط هذا المُنغّص: لطالما كلّمتُها ولم تردّ.
إنها لا تعرف أن أمثالي لا يحبّون المنولوغ، وغير مهيّئين لاقتناء كلب؟، وكان عليها أن تراعي ذلك.
لكنها للأسف، مِن سنوات لم تفعل.
إلى ذلك، ثمة أمل.
فربما بالصبر وطول العِشْرة، يتسنى لنا أن نستقرّ ـ مثل زوجين قديمين ـ على موجة.


■ ■ ■


هَزَل

"أُثقبِ القشرة" ـ يقول له الكتابُ الذي يقرأه في حديقة لبيرنتو.
وثَقَبَها، فوجد قشرة، فثقَبها فوجد قشرة.
ظهيرتئذٍ، شعر مانويل بالمعنى الحارق لِهَزَل الوجود.


* شاعر وكاتب فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون