في نهاية الشهر الماضي، أعلنت "جائزة كتارا للرواية العربية" الكاتبَ التونسي محمود المسعدي (1911 - 2004) شخصية السنة الثقافية. وبشكل متزامن تقريباً، تطلق "دار الجنوب" في تونس أعماله الكاملة في طبعة جديدة. فهل يساهم ذلك في صناعة صورة جديدة لصاحب "السد"؟
تأتي طبعة دار الجنوب لأعمال المسعدي الكاملة في أربعة أجزاء، ثلاثة منها باللغة العربية فيما يجمع الجزء الرابع كتاباته بالفرنسية والتي لم يجر تداولها بنفس ما عرفته كتاباته بالعربية.
وفي الحقيقة، فإن المسعدي يمثّل حالة فريدة على مستوى التلقي، فهو كاتبّ ظلّ مكرّساً لسنوات طويلة في تونس، خصوصاً ضمن المناهج الدراسية، لكنه بقي محدود الانتشار عربياً. كما أن قراءته انحصرت في عملين بالأساس؛ "السد" و"حدّث أبو هريرة قال" على حساب أعمال أخرى مثل "مولد النسيان" و"من أيام عمران" و"تأصيلاً لكيان". وربما استفاد الكتابان الأولان من صدورهما ضمن سلسلة "عيون المعاصرة" التي أطلقتها "دار الجنوب" منذ عقود، وكان يديرها الناقد التونسي الراحل توفيق بكّار الذي وضع مقدّمة للنصّين.
إشكاليات التلقي مع محمود المسعدي تتعلّق أيضاً بعدم مقابلة سنوات التأليف لسنوات الإصدار، فقد وضع نصوصه بين أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته بينما نشرها بين الخمسينيات والسبعينيات، بل إن بعض الأعمال صدرت في عقود لاحقة عبر جهود تلاميذه في جمع وتحقيق مخطوطاته، ولم تكن تلك مهمة يسيرة حيث أن المسعدي شغل الكثيرمن المناصب السياسية في الدولة التونسية فكان الكثير من كتاباته عبارة عن التقاط فرص أوقات فراغ ضمن مشاغله ومسؤولياته الكثيرة من وزارة التربية إلى رئاسة البرلمان.
لعلّ هذه الصورة لرجل السياسة قد أثرت أيضاً على تلقي أعمال المسعدي، وبنت حواجز بين نصوصه وبين القراء، فهل أن إعادة قراءته اليوم - بعد أكثر من عقد من رحيله - سيتيح بناء صورة جديدة له في تونس والعالم العربي؟