"الطريق": فيلم صامت في مدينة صاخبة

23 يوليو 2015
(لقطة من الفيلم)
+ الخط -

لفتت المخرجة اللبنانية رنا سالم (34 سنة) الأنظار إليها، أواخر الشهر الماضي، خلال فعاليات الدورة السابعة والثلاثين لـ "مهرجان موسكو السينمائي الدولي"، عند حصول فيلمها "الطريق" (2015، 96د) على جائزة "فيبريسكي" التي يمنحها "الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين".

لم يلفت "الطريق" الأنظار إليه لكونه الفيلم الطويل الأول لسالم فقط، بل لمغامرة المخرجة اللبنانية باستغنائها عن صوت الممثلين على غرار الأفلام الكلاسيكية، مكتفية بإظهار الحوارات مكتوبة أسفل الشاشة.

لا يظهر الشكل الفني الذي اختارته سالم على أنه مجرد تجريب، بل يتخطى ذلك ليتّصل بالحكاية المروية، التي ابتغت فيها المخرجة كتم صوت بطليها. الكتم بهذا المعنى هو نفي الوجود والقدرة على التأثير.

على النحو السابق، تغيب المونولوغات الداخلية تماماً، ويبدو الحوار المكتوب مكثفاً إلى درجة يلبي فيها دوره الوظيفي والدرامي في آن معاً. كما أن المخرجة حافظت على الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية الخارجية، وكأن الصوت الفرد المستقل، محكوم بالاختفاء والاندثار أمام ضجيج الأشياء والمجاميع من حوله.

يروي "الطريق" حكاية بسيطة، تكاد تخلو من الصراع الدرامي بالمعنى المباشر: في العاصمة بيروت، يعيش زوجان شابان (رنا سالم، غي شرتوني).

تهجر الزوجة عملها ويصيبها الاكتئاب، ويبدأ ذلك في التأثير على العلاقة بين الزوجين التي بدأت تصاب بالفتور، وهو ما استطاعت المخرجة التعبير عنه من خلال عدة مشاهد دلّلت بها على ارتباط الشخصية بالمكان وبالرغبة (الشقة في بيروت)، ما نجده بوضوح مثلاً، في علاقة البطلة مع اللوحة الموجودة بغرفتها. بعدها، يقرّر الزوج، الذي يعمل في الزراعة إلى جانب عمله كفنان فيديو، ترك حياة المدينة وصخبها والذهاب مع زوجته إلى القرية في الجبل.

تدريجياً، تورّط الرحلة الزوجين في علاقة معقدة مع الذاكرة، خاصة عند الوصول إلى البيت المهجور. البيت الحجري على التلة العالية، يفتح أسئلة الزمن والغاية، فيغدو التأمل الطويل كأنه سؤال عن أثر الزمن وعن جدواه أيضاً، تحت رحمة عبثية مدينة صاخبة ومتناقضة كبيروت، ليفتح على سؤال أكثر قسوة: ما الذي تغير؟

الطريق الذي عبرته الكاميرا ذهاباً وإياباً، مع البطلين كانت فيه فرداً ثالثاً يسير معهما، أكثر من كونها أداة تنقل أو تصور، فوجدناها في بعض الأحيان تهتز وتتلصص على الشخصيات وتتفاجأ أيضاً. وفي أوقات أخرى، نقلت الكاميرا مشاهد لا طائل منها فنياً، لكن مع ذلك، يبقى الفيلم مغامرة أولى جريئة.

المساهمون