هموم شعرية: مع محمود خيرالله

04 سبتمبر 2017
(محمود خيرالله)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. هنا وقفة مع الشاعر المصري محمود خيرالله.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- "القرّاء" كلمة واسعة جداً كالسماء، لكن القارئ الذي يعرفني جيداً لا أراهن عليه كثيراً، قارئي الحقيقي هو الذي لم يُصادف قصيدتي بعد، لم نلتق ـ إذن ـ في صدفةٍ ميتةٍ، لنتعارف كالأصدقاء الأحياء، الذين تربطهم القصائد. كان من الممكن أن أقول لك إنه لا قرّاء لي، لأستريح من سؤالك، لكنني لن أفعل، نعم لي قرّاء كثيرون، لكن القاعدة ستتّسع ـ بالتأكيد ـ لو زادت مساحة الشعر، وهذا من رابع المستحيلات في ظل "الظروف الحياتية" البشعة التي نحياها، مصرياً وعربياً.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- ليس لدي ناشر، والشعراء في مصر لم يعد بإمكانهم أن يحلموا بناشرين لائقين، لدينا فقط نشرٌ حكوميٌ طويل الأجل، ونشرٌ خاص باهظ التكلفة، وكلاهما مُر، كما تعلم.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- طبعاً لا يخلو من فائدة، فأنت تستطيع به أن تجرّب نصوصك، وأن تتعرف إلى تأثيرها على الآخرين، وأن تمتحن فيه السماء التي تحلّق فيها قصائدك. لم أتوقف عن النشر أبداً بإرادتي في المجلات والصحف والمواقع، لكنني كسول وفي منتهى البطء، فيما يتعلق بالنشر، ديواني الأخير "كل ما صنع الحداد" صدر عن دار نشر "صفصافة" عام 2010، وديواني القادم "لا شيء يدوم" يُفترض أن يصدر عن إحدى دور النشر الخاصة، في كانون الثاني/ يناير 2018، خلال الدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- لا أبدأ بنشر قصائدي في صفحات التواصل، بل أنشرها أولاً في المجلات، ثم أعيد نشرها على صفحتي، أنا لستُ من أصحاب الجماهيرية الشعرية في "الفيسبوك"، وأظن أن "اللايكات" و"الشير" لا تفيد الشعر بالانتشار والرواج الإلكتروني، بقدر ما تسجنه في قفص الذائقة السائدة، المشغولة بشفاهية النص وانفتاحه. والشعر يفترض فيه ألا يكون سجيناً في قفص، بل عليه أن يحلّق في الأعالي بمنتهى الحرية، ويكفينا ما تبنيه حكوماتنا من سجون على نفقة الموازنة العامة للدولة.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- لدى الشعر العربي اليوم قرّاء كثيرون بكل تأكيد، صدِّقني، لكن الحكومات لا تريد أن تعترف بذلك، وليس من مصلحتها ـ في الحقيقة ـ أن يزيد قرّاء الشعر. كلنا يعرف الحرب التي تشنها الدولة المصرية، مثلاً، بقيادة الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، ضد قصيدة النثر، ويعرف اللائحة الكاملة من المؤامرات المحكمة، التي تحاك دائماً لاستبعاد كل شعرائها من المؤتمرات والسفريات والجوائز والمنح، التي يوزعها حجازي على حفنة من "صبيانه"، في الوقت الذي لا تجد فيه مجلات وزارة الثقافة وإصداراتها المعنية بالشعر جميعاً، سوى قصائد شعراء النثر المصريين، لتنشرها بتوسّع على صفحاتها، هل تعرف لماذا؟.. لأن قرّاء الشعر كثيرون.


■ هل توافق على أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى، هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي ولماذا؟
- لا أحب أن أتصور أن هناك سباقاً بين قراءة الشعر العربي والمترجم. الشعر حالة عامة، يفيد القصيدة العربية جداً أن يقرأ العرب شعراً مترجماً، مثلما يفيد القصيدة الغربية، أن يقرأ الغرب الشعر العربي مترجماً إليه. الأزمة عندنا أن قراء الشعر عموماً قليلون، وأن السبب في ذلك هو الإهمال الفادح الذين تعانيه مؤسساتنا الثقافية.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- أعتقد أن مزايا الشعر في كل اللغات واحدة، وهو ما رأيته بعيني حين قرأت قصائدي لمدة عشرة أيام متواصلة، على جمهور فرنسي عام 2015، في ضيافة مهرجان "أصوات حية" في مدينة "سيت"، بجوار شعراء من لغات أخرى، ولا أظن أن الشعر الجميل له نقاط ضعف.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
- قبل شهور قدّمتُ إجابتي عن هذا السؤال، حينما قدّمتُ مختارات للشاعر الفلسطيني الراحل طه محمد علي، ضمن سلسلة "إبداع عربي" عن "الهيئة العامة للكتاب". هذا الشاعر الكبير الذي لم يسمع عنه الوسط الثقافي المصري، "المشغول بنفسه دائماً"، إلا حينما صدرت مجموعته في مصر الشهر الماضي، بعنوان "صبيّ الفراشات الملونة".


■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
- أن يتخلّص من الأدعياء والكهنة والمقلدين.


بطاقة: شاعر مصري، صدر له في الشعر: "فانتازيا الرجولة" (1998)، و"لعنة سقطتْ من النافذة" (2001)، و"ظلّ شجرة في المقابر" (2004)، و"كلّ ما صنع الحدّاد" (2010). وصدر له في السرد كتاب "بارات مصر.. قيام وانهيار دولة الأنس" (2016).
كما أعد وقدّم مختارات شعرية للشاعر الفلسطيني الراحل طه محمد علي بعنوان "صبي الفراشات الملونة" (2017). يعمل محمود خيرلله نائباً لرئيس تحرير "مجلة الإذاعة والتلفزيون" الأسبوعيّة.

دلالات
المساهمون