ليلى طوبال.. مواطنة ذاهبة لاستعادة جبلها

31 يوليو 2014
ليلى طوبال في تمرين مع فرقتها
+ الخط -

سألتها: هل ليلى المواطنة أم ليلى المثقفة التي ذهبت إلى حيث قُتِل الجنود؟

قالت: ليلى المواطنة... المثقفون أصغر بكثير من تونس.

ليلى طوبال كتلة إصرار عجيبة تمشي على رجلين، بعيدة زمن الرخاء، زمن الهدوء، متفرغة إلى نصها القادم، غير أن صوتها الخافت الهامس عال عندما يناديها الواجب، هادر رغم ذلك الجسم النحيل.

حملت جرأتها، وذهبت إلى حيث ينبغي... عرفت سر البوصلة والتقطت بحس لا تعرفه إلا الخشبة أن اللحظة هناك وأن قطعة الزمن الأصلية مخفية تحت شجرة سرو في سفح الجبل.

أصل الحكاية أن الكاتبة والممثلة المسرحية ليلى طوبال قررت بعيداً عن الأضواء أن تذهب إلى جبل الشعانبي حيث يرابط الجنود وحيث جريمة قتلهم منذ أسبوعين، لتسترجع جبلها. فعلى حد تعبيرها: هذا الجبل لي ولن يأخذه مني أحد.

خاطبت أصدقاءها المواطنين بعفوية على الفيسبوك، التقوا، وركبوا حافلة "تسوغوها" مشتركين كما يفعل الأطفال وذهبوا إلى الشعانبي.

وأصرّت ليلى حين خاطبتها وهي هناك أن تلتقيهم وقت المغرب، حين الإفطار، تماماً عندما دقت ساعة موتهم، في حركة رمزية، وقالت إنها أوصلت الرسالة إلى الجنود هناك، ثم عرجت على القصرين وافترشت ساحة الشهداء وتقاسمت مع الأهالي لقمة حب صافية لا حساب فيها ولا طموح إلا فرصة لقاء بين أحبة يعرف بعضهم بعضاً منذ دهور حين تكون الأسماء ثانوية.

صوّرت في مسرحية "غيلان" التي كتبت نصها لحظة تبدل الحياة: "كانوا عشرات ثم أصبحوا مئات فآلاف، أشرقت في وجوههم الشمس وتحوّل الشارع إلى بحر أمواجه الناس، موجة لونها أحمر وأبيض، ونغمتها: الشعب يريد... وتقول أم الشهيد: يا كل كلي عند انقطاعي وذلي، يا كل كلي".

ليلى طوبال فنانة تستطيع دائماً عندما نعجز ونصمت.

الفكرة أن المثقف لا يكتفي بالورقة حين يناديه الشارع، والفكرة أن المثقف الذي لا يعرف الشارع لا يعرف الحياة ولا يستطيع أن يحمل معانيها إلى ورقته. 

والفكرة أن مسرح عز الدين قنون وليلى طوبال يعرف الحياة حين يكتبها الناس قبل المؤلف، ولذلك تستحيل حركتها وارتعاشها وارتباكها طيًعة تحت أضواء خشبتهما المفعمة بنص يخاطب الحياة ويجادلها ويضفي عليها فعله الجمالي.

رحلة ليلى طوبال إلى الجبل رحلة إنسانية بالتأكيد، لكنها في ذلك تتسلل إلى نصها القادم...

ننتظر.

المساهمون