سمعتهم يقولون إنك تتحدث اللغتين الإيطالية والسواحلية.. أحقاً تتقن هاتين اللغتين؟ ويقولون أيضاً إنك بحار، ماذا يعني لك البحر، ثم إني أراك حاد الصوت إذا تكلّمت. هل لهذا علاقة بالصمم الذي تعاني منه؟.."، هكذا يفتتح الكاتب ماجد شيخان روايته "عُماني في جيش موسوليني" التي صدرت حديثاً عن "الآن ناشرون وموزعون".
تتبّع فصول الرواية صعود الفاشية خلال العقد الثالث من القرن العشرين (1922-1928)، من خلال قصة حقيقية سمعها المؤلّف مباشرة من شخص كبير السن في قريته، فنقَل تفاصيل دقيقة من تلك المرحلة ليقدمها في إطار فني مزج فيه بين الخيال والواقع، محافظاً على المتن الأصلي للحكاية وعلى واقعية الأحداث.
نسَج شيخان تفاصيل دقيقة تتضمّن الأحداث التي مرّ بها بطله خلَف وانتهت به إلى جيش موسوليني، مازجاً في سرده بين اللغة الفصيحة والدارجة العُمانية التي صاغ بها الكثير من الحوارات داخل العمل الذي تأخذ استعادة الوقائع والتأمّل فيها مساحات كبيرة من السرد.
يتناول الكاتب بطله المختلف عن القرية، والتي ظلّ يصارع الحياة فهيا ثمانية أعوام، حيث تشبه كل شيء فيه إلّا عقله والذي يصفه بالقول "العقل وحده ما يلبث يقارن حاضره بمستقبله فيخرّ صريعاً أمام ضربات الواقع المتكرّر وجريد النخل المتكسّر على جسده وهو يرفض الانضمام إلى العجوز فتعلّمه ما يجب أن يعرف من أمور دينه ودنياه...".
ويضيف: "هو يحسّ بأنه جزء منهم. جزء من عبقريتهم في إطارهم المحدود، القرية، لا أبعد من ذلك. هنا يختلف عنهم، هو يريد أن يأخذ حقّه من الحياة، فيذهب إلى عمّه ويسأله عن البحر؟ أو أي شيء سجعله يشعر بالأمان في عالمه الذي يؤثر به نفسه"؛ البحر الذي سبأخذه فعلاً إلى أمكنة أخرى لم يتخيّلها من قبل ولم يتوقّع ما ما سيواجهه فيها".
ينتقل شيخان ببطل الرواية في عوالم مختلفة، "أكسبته شخصية عُمانية متفردة، غامضة، هادئة، متزنة، لديها نهم منقطع النظير لكل ما هو جديد، أردتها أن تصمد إلى النهاية، لأقدمها مشروعا ًحياً للأجيال القادمة، عطاءً لا ينضب، فرصاً لا تنتهي، وذاكرة لا تبلى"، على حد وصفه.