"مهرجان سماع": التسامح كما تعرّفه السلطة

16 سبتمبر 2019
(من دورة سابقة)
+ الخط -

تحتاج معظم التظاهرات المتخصّصة بالتراث الصوفي في العالم العربي، إلى مراجعة حقيقية تقف عند مسألتين أساستين، الأولى أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها في ضوء التوظيف الرسمي لها بوصفها تعبيراً عن تبنّي نسخة "معتدلة" من الإسلام تدعو إلى التسامح والانفتاح في التغطية على سياسات القمع والاستبداد.

والمسالة الثانية تتمثّل في تقديم الغناء الديني بوصفه فرجة فولكلورية تنتمي إلى ثقافة الشرق التي تبدو اليوم بعيدة أو غريبة عن الواقع، دون محاولات جدية لتوظيف هذه العناصر والمؤثرات في عروض تحمل رؤى فنية وإخراجية، ما يذكّر، مثلاً، بتوظيف طقوس عاشوراء في المسرح العراقي والعربي عموماً.

في هذا السياق، تنطلق عند الثامنة من مساء السبت المقبل، الحادي والعشرين من الشهر الجاري، فعاليات الدورة الثانية عشرة من "مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية" في قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، وتتواصل حتى السادس والعشرين منه.

اختار المنظّمون شعار "رسالة سلام.. وطن بلا حدود" للدورة الحالية، والذي يتكرّر كل عام في إصرار على وضع جميع العروض في مساحة محدّدة تعكس صورة الإسلام الذي تنحاز إليه السلطة في مصر، رغم تضييقها على الحريات الثقافية الذي يدّل عليه العديد من الحوادث خلال السنوات الماضية، ناهيك عن ممارسات أكثر تسلطاً في مجالات أخرى.

تتوزّع الفعاليات في عدّة أماكن أثرية وتراثية منها قبة الغوري في حي الأزهر، والقلعة، و"مجمع الأديان في مصر القديمة"، وتحلّ قارة أفريقيا ضيف شرف المهرجان الذي يشارك فيه فنانون وفرق من حوالي عشرين بلداً مثل إثيوبيا ونيجيريا ومالي وتنزانيا والسودان والمغرب والجزائر وتونس وإندونيسيا وبنغلادش وباكستان.

وجرى اختيار الفنان التشكيلي ووزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني، شخصية المهرجان هذا العام "تقديراً لما قدمه للثقافة المصرية بصفة عامة وللمهرجان بصفة خاصة من دعم واهتمام على مدى السنوات"، وفق بيان المنظّمين الذي يأتي في إطار الاحتفاء بالوزير وإنجازاته خلال أكثر من مناسبة، بدلاً من محاسبته على تهم الفساد وسوء الإدارة التي واجهت عهده.

كما تكرّم الدورة الحالية الطبيب والكاتب مصطفى محمود (1921 – 2009)، النموذج الذي تم طرحه كثيراً في الإعلام في التحول من الإلحاد إلى الإيمان، والشيخ محمود علي البنا (1926 – 1985) وهو من أبرز المقرئين المصريين في عصره، والقديسة فيرينا التي ولدت في الأقصر خلال القرن الرابع الميلادي وانتقلت إلى أوروربا بسبب اضطهاد الدولة، ووجد العديد من الكنائس في سويسرا حيث رحلت هناك تحمل اسمها.

المساهمون