"محاضرات في تاريخ فلسفة الأخلاق": من هيوم إلى هيغل

27 اغسطس 2019
مارغريت كيل/ ألمانيا
+ الخط -

برزت خلال القرن الثامن عشر العديد من التيارات الفلسفية التي ترى الأخلاق سابقة على العقيدة بعد قرون من سيادة الفكر الديني في أوروبا، وبدأ اهتمام المفكرين بالمبحث الأخلاقي يأخذ نظرة عقلانية إلى الخير تعتمد على حق الإنسان في الاختيار وحريته المطلقة.

صدر حديثاً عن سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "محاضرات في تاريخ فلسفة الأخلاق" للفيلسوف الأميركي جون رولز (1921 – 2002) الذي جمعته حرّرته الباحثة بربرا هرمان ونشر سنة 2000، ونقله إلى العربية الباحث والمترجم المصري ربيع وهبه.

يجمع الكتاب محاضرات ألقاها رولز في "جامعة هارفرد" طوال ثلاثة عقود، خصّصها لأربعة مفكرين، هم: ديفيد هيوم (1711 – 1776)، وغوتفريد لايبنتز (1646 -1716)، وإيمانويل كانط (1724 – 1804)، وجورج هيغل (177- 1831)، يجهدون لتفسير كيفية نشوء النظام الأخلاقي من الطبيعة البشرية ومن مقتضيات عيشنا معاً، وكيفية التمتع بما يكفي من دوافع لنعيش الحياة كما ينبغي.

يتناول رولز، في المقدمة، "فلسفة الأخلاق الحديثة (1600 – 1800)"، الفرق بين فلسفة الأخلاق الكلاسيكية والحديثة، والمشكلة الأساسية في فلسفة الأخلاق اليونانية، وخلفية فلسفة الأخلاق الحديثة، ومشكلات فلسفة الأخلاق الحديثة، والعلاقة بين الدين والعلم، ورأي كانط في العلم والدين.

يتألف القسم الأول؛ "هيوم"، من خمسة فصول، الأول يبحث في الأخلاق من منظور علم النفس والانفعالات، والثاتي في التدبر العقلاني ودور العقل"، والثالث في العدالة بوصفها فضيلة مصطنعة"، والرابع في "نقد الحدسية العقلانية"، والأخير يحمل عنوان "المحاضرة الخامسة عن هيوم: المتفرج الحصيف".

يضمّ القسم الثاني "لايبنتز" فصلين. يقول رولز، في الفصل السادس، "المحاضرة الأولى عن لايبنتز: كماليته الميتافيزيقية"، إن أحد ملامح الكمالية الميتافيزيقية عند لايبنتز أنها من أخلاقيات عملية الخلق؛ "فهي تحدد المبادئ التي تكمن في العقل الإلهي وتوجهه في اختيار الأفضل من بين جميع العوالم الممكنة، العالم الأكثر ملاءمة للخلق. والله عند لايبنتز هو الكيان الكامل على الإطلاق".

ويرى رولز في الفصل السابع "المحاضرة الثانية عن لايبنتز: الأرواح بوصفها جواهر فعالة"، إن لايبنتز اعتقد أن الله يدعم الجواهر المخلوقة ويحفظها في الوجود، لكنه يصر على أن الله يخلق جواهر لها قوى وميول فعالة، تتأسس عليها المبادئ الأولى للفيزياء وقوانينها؛ وهذا لا يتضمن الخلق المتواصل وإعادة خلق الرب الأشياء بطرائق تعكس مباشرة الطبيعة الإلهية.

يشمل القسم الثالث "كانط" عشرة فصول، ناقشت كتاب "أسس ميتافيزيقا الأخلاق"، وصياغات الفيلسوف الألماني المختلفة للعقل المطلق، و"أولوية الحق وغاية قانون الأخلاق" التي تقدّم تصوراته عن الخير، ومقارنة المذهب الأخلاقي عند كانط والكمالية الميتافيزيقية عند لايبنتز بوصفها إحدى صور الحدسية العقلانية، والحقيقة العقلية، إحدى الأفكار المركزية في فلسفته الأخلاقية، والقانون الأخلاقي كقانون للحرية، وعلم النفس الأخلاقي كما ورد في القسم الأول من كتاب الدين"، ووحدة العقل.

يتألف القسم الرابع "هيغل"، من فصلين. يفسر رولز، في الفصل الثامن عشر، "المحاضرة الأولى عن هيغل: فلسفته"، ما يقصده هيغل بقوله "إن الإرادة الحرة هي الإرادة التي تريد نفسها كإرادة حرة"، مبينًا اختلاف هذا التفسير للإرادة الحرة اختلافًا تامًا عن تفسير كانط، حيث تشكل رؤية هيغل لهذه المسألة أحد إسهاماته الأكثر أهمية في الفلسفة الأخلاقية والسياسية.

يشدد رولز في الفصل التاسع عشر "المحاضرة الثانية عن هيغل: الحياة الأخلاقية والليبرالية"، على فكرتين: الفلسفة بصفتها توفيقاً، ودور الحياة الأخلاقية باعتبارها موقع ما هو أخلاقي، أي المجموعة الكاملة من المؤسسات العقلانية الاجتماعية المحققة للحرية.

المساهمون