وأشار صاحب كتاب "السهم المسموم" في تقديم ترجمته إلى إنصاف بول لشخصية النبي محمد من خلال تحليله لسماته الشخصية التي أهلّته إلى قيادة مشروع حضاري عمّ إشعاعه الأرض، وعلى النهج نفسه تناول العديد من الشخصيات في التاريخ الإسلامي مثل صلاح الدين الأيّوبي، كما اهتمّ بعرض مظاهر الحكم العربي في الهند خلال العصور الوسطى، وما حقّقوه من إنجازات علمية واقتصادية وسياسية.
صدرت حديثاً طبعة جديدة من الكتاب عن "الدار المصرية اللبنانية" بتحقيق عبد الباقي السيد عبد الهادي ومراجعة أيمن فؤاد السيد، في استعادة لعمل تاريخي لم يسع إلى توثيق الوقائع والأحداث فحسب، بل تناول عدداً من أعلام الأندلس وترجم لسيرهم التي شابها كثير من اللغط في بعض المراجع الغربية.
وفي مقدمة التحقيق، أضاء عبد الهادي حياة بول المهنية، حيث ذكر أنه عمل في "المتحف البريطاني"، ثمّ توّجه إلى دراسة علم المصريات، وفي عام 1897 أصبح أستاذا للدراسات العربية في "جامعة دبلن"، موضّحاً أنه اعتمد المنهج الموضوعي الذي يبرز في انتقاداته العديدة لعدد من الحكام الإسبان المسيحيين وسياساتهم، على خطى آخرين مثل المستشرق الهولندي رينهارت دوزي في كتابه "المسلمون في الأندلس".
يقول بول في الكتاب إن "قصة الأندلسِ عجيبةٌ حقًّا، مثيرةٌ للنفس حقًّا. فيها من أحاديث البطولة والإقدام ما يعجَب له العَجَب، ويهتزُّ له عطْفُ العربيِّ الكريم. فيها جُرْأَةُ طارقٍ، وإقدامُ عبد الرحمنِ الداخلِ، وعزيمةُ الناصرِ، وعبقريةُ المنصورِ. وفيها إلى جانب كل هذا أمثلةٌ رائعة للصبر حين البَأس، وللجَلَد على أشدِّ المكْرُوه، وللتمسُّك بالعقيدة والسَّيفُ مُصْلَتٌ فوق الرؤوس، وللثبات في مأزق يفِرُّ فيه الشجاع".
يستعرض المؤلّف الحقبة العربية الأندلسية بدءاً من دخولها عام 711 ميلادية، ومروراً بعهودها وحكّامها على اختلاف شخصياتهم وسياساتهم، وكيفية إدارة الحكم وعلاقاتهم مع الممالك المجاورة وصولاً إلى سقوط غرناطة سنة 1492 ميلادية، مبيّناً جوانب عديدة من تاريخ العرب المسلمين بأسبانيا دينيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا.