لأن غيرنا حاول اصطيادها

28 ديسمبر 2016
فاتح المدرّس / سورية
+ الخط -

1
لم تتبدل كثيراً مدخنة بيتنا الصغيرة
ما زالت تنفث كل يوم الدخان والابتسامات وزفرات الموتى
ما زالت الأرواح تغادرها مكسوة بقشور الكستناء
تحتفظ بطعم النبيذ الحلو حيناً
وحيناً تفوح منها رائحة المازوت المكسور
بالماء

العصافير البرية لم تتوقف، حتى يومنا هذا، عن تزيينها بأعواد القش المشربة بالضباب
والعابرون حتى الآن يعرفون، من خلال دخانها المتصاعد، عدد شهقات إخوتي
اليومية

ما زلنا نغادرها بفرح
ونعود لندخل باب البيت متعبين
ما زلنا نستطيع الإفلات من يدها الملفوفة بالجبس
لنهرب، في كل مرة، نحو عالم
يحترق.


2

أخي الأوسط كان يشتري الصيصان الملوّنة كل ربيع، يهبها أسماء وسمات، ثم يدفنها وهو يبكي
مرة نجا أحدها من الموت بأعجوبة فسمّاه "سوبرمان"
جدتي التي كانت تنهرنا ونحن نعذّب السلحفاة عندما تخفي رأسها، كانت تقول لنا:
ستكبر يوماً وتأكلكم
جدتي نفسها أصابها الزهايمر فقضت أشهرها الأخيرة أمام نشرات الأخبار تشتم زوجيها، الأول لأنه مات مبكراً، والثاني لأنه مات وهو يتغزّل بها

في كل عام كانت تقلّ الطيور المهاجرة صوب قريتنا، فيما تزداد أسراب أكياس النايلون السوداء
كنّا نحتفل بوصولها مليئة بالثقوب
لأن غيرنا في هذه البلاد
حاول اصطيادها.


* شاعر سوري مقيم في فرنسا 

دلالات
المساهمون