ليست القصّة ما أكتب بالكلمات

08 مارس 2020
(ب. ك. باراكادافو)
+ الخط -

كتاب ماركيز والمقلاة

نزل إلى حَوش البيت كي يغادره إلى السوق.
فقالت له بأعلى صوتها من وراء ظهره:
"لا تنسَ أن تشتري روايةً لغابرييل غارسيا ماركيز"
فسألَ: "أتحتاجين إلى شيء آخر؟"
"اشترِ نظّارةً لأقرأ بها وقلمًا لأكتب به"
حين عاد للبيت، مَدّ نَحْوَها كِيسًا بلاستيكيًا.
فَأخْرَجَتْ ما في الكيس؛ لتجد
مِكْنَسَةً
ومِمْسَحَةً لتنظيف غرف البيت
ومِقْلاة!


■ ■ ■


كاتب

ذات يوم غادرْتُ البيتَ
مثلما ترك سدارتن قصرَه
وقفت في زاوية الحديقة بين الأشجار
تعاقَبَت حبّات الندى والمطر وأشعّة الشمس
انتشرت عروقي تحت الأرض
امتدّت يداي إلى السماء مثل الأغصان
ثمّ بدَأْتُ أُثْمرُ القَصَصَ
هكذا أصبحتُ كاتبًا.


■ ■ ■


حُب

أكون معك.
مبتسمًا حين تفرح،
باكيًا حين تحزن،
لا تطلب منّي شيئًا واحدًا:
الموت حين تموت.


■ ■ ■


نار

قال الصديق:
"ليست النار في قصّتك فقط
بل هي في جهنّم أيضًا"
قال الكاتب:
"أنا وقودها في الموضعَين".


■ ■ ■


رحلة

استيقظ صباحًا
وخلع جسده
وعلّقه على حبل الغسيل.
ثم مضى
قائلًا للطيرعلى غصن الشجرة:
"توقّف عن البكاء
سيبكي أهل البيت جميعًا عوضاً عنك" .


■ ■ ■


قراءة

سأل الملك: "لِمَ أتيت؟"
قال: "انتهت القصّة"،
"اذكُر وجهتك بعد القراءة"- قال له الملك ثم بدأ يقرأ
ثم وقف ينتظر بين الجنّة والنار حتى تنتهي القراءة.


■ ■ ■


مكمن

القصّة رحلة من المهد إلى اللحد
انظروا... الكلمات قليلة جدًّا...
القصّة تكمن بين كلمتَي المهد واللحد.


■ ■ ■


قطرة

لا تحمل القطرة ماء العطش فقط
بل فيها فيضان أيضًا
لا يحمل النَّفَس حياةً وحدها
بل فيه موتٌ أيضًا.


■ ■ ■


طريق

صديقي... انظُر...
ما بال هذا العالم؟
رجل ذو لحية كبيرة وشعر طويل مسترسل.
تمّ تثبيت المسامير في يديه ورجليه
على الصليب في قمّة الجبل...
ما اقترف إلّا ذنبًا واحدًا؛
أنّه هدى الناس إلى الطريق المستقيم
فما لَنا لا نفعل سوى بيع هذه المسامير بعد اقتلاعها وقبض ثمنه؟!
خير التجارة الدين والإله...


■ ■ ■


ساعة الموت

قرع بابَه ملكُ الموت
فما سأل الملكَ سوى شيء واحد
أن يلتقط معه صورة سيلفي.
وأن يسمح له بوقتٍ ليشاركها في فيسبوك
فاهتزّ ملكُ الموت حتى نسي أن يقبض روحَه.


■ ■ ■


زهرة وعِرْق

قال عِرْقٌ لزهرة:
"تتحرّكين بين الأوراق متفتّحة وفوّاحة
هذا لمّا انتشرتُ أنا تحت التراب والوحل".


■ ■ ■


سياسة

يقولون إنهم يبنون جنّة
لكنهم يشيّدون جهنّم في الأرض.


■ ■ ■


قصّة

ليست القصّة ما أكتب بالكلمات
الكلمات لا تنفد أبدًا.
بل القصّة ما تكتب الكلمات بي.
لذا أنفد...


■ ■ ■


عناق

تعانقا...
وأيديهما تحمل سيفًا قاطعًا
خلف ظهريهما.


■ ■ ■


حذاء

يحلم الحذاء
بدخوله إلى المعابد والبيوت،
نحن ننتظره.


■ ■ ■


مصباح

صبّ النفط على جسده وأوقده.
فقال: "كن أنت مصباحك".


■ ■ ■


سماء وأرض

سأَلت الأرض مطرًا نزل من كبد السماء:
"لِمَ تنزل من ذاك الأعلى إلى هذا الأسفل؟"
قال المطر: "ليس هناك تراب وإنسان، وما هناك إلّا الله وملائكته".
عانقت الأرضُ قطرات المطر.


■ ■ ■


أنا

أنا قصّة كتبها أحدٌ ما.
لا يمكن لي أن أقرأها.
ولا يمكن لكم أن تقصّوها عليّ.


■ ■ ■


دعاء

حين دعا الله متضرّعًا إليه قطرة ماء.
انفتحت أبواب السماء تلقائيًا.
هكذا غمره الماء.


■ ■ ■


صمت

ما أنشدت فراشة زهرتها قصيدة "الزهرة الساقطة" لـ كمارناشان.
وما قالت زهرة لفراشة: "إذا تساقطت هذه الأجنحة الملوّنة من جسدك فلستِ إلّا دودًا".
الصمت خير.


■ ■ ■


الله

يا الله... يا الله...
إذا قرعْتُ بابَك متسوّلًا
فامنح لي ثراءً أو منصبًا
أو عذابًا أو مرضًا
إن أوصدْتَ البابَ
سأقول للكون:
"إنك غير موجود".


* كاتب قصة وروائي هندي من ولاية كيرَالا

** ترجمة عن المالايالم عبد الرشيد الوافي

دلالات
المساهمون