بين اليابان والمغرب: مقارنات الاندماج والتهميش

25 يونيو 2016
شيهارو شيوتا/ اليابان
+ الخط -
مثّلت المقارنة مع النموذج الياباني ما يشبه التقليد في الفكر العربي المعاصر، حيث عُقدت معه مقارنات تهدف للإجابة عن أسباب نجاح النهضة اليابانية وإخفاق العربية رغم أنهما بدآ في نفس التاريخ (منتصف القرن التاسع عشر)، حيث انحصرت معظم المساهمات في إضاءة الجوانب السياسية والاستراتيجية (الخارجية) لفهم هذا التباين في المسارات.

الباحث المغربي يحيى بولحية يقدّم زاوية نظر جديدة في كتابه "البعثات التعليمية في اليابان والمغرب" الصادر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"؛ عمل يعقد مقارنة بين سياسات الهجرة التعليمية في المغرب، يحصرها في الفترة بين 1844 و1912، ونظيرتها اليابانية والتي تمتد من 1853 إلى 1945.

ومن خلال التطرق إلى الوضع السياسي والاجتماعي، يرصد بولحية ظاهرة الهجرة للتعلّم، حيث أنها كانت في البلدين حاجة أمام الضغوط التوسعية للأمم الغربية والتي سرعان ما تجسّدت بعد عقود قليلة بالنسبة إلى المغرب، فيما لم يحدث ذلك في اليابان التي حقّقت نقلة عميقة في بناها السياسية والاقتصادية مكّنتها أن تدخل مرحلة التصنيع ومن ثم تتحوّل إلى دولة لا يمكن التحرش بها.

في الفصل الثالث من الكتاب، يدرس المؤلف النظرة المغربية لليابان بعد أن تحوّلت إلى معجزة بين الدول غير الغربية (أوروبا وأميركا)، وهي نافذة يطل من خلالها على الإخفاقات النهضوية في المغرب مع انهيار روح الوحدة الوطنية وكاريزماتية السلطة وهو ما انعكس على التعليم ومخرجاته.

في جزء ثان من الكتاب، يعتمد المؤلف قراءة كرونولوجية قائمة على الإحصائيات في تناوله الظاهرة، حيث يرصد البعثات التعليمية المغربية واليابانية إلى أوروبا وأميركا مضيئاً معايير انتقاء المشاركين، وقضايا التمويل والنفقات، وعودة المبتعثين وإشكالية اندماجهم، ومن ثم يتطرّق إلى طرق بناء النخب الإصلاحية في البلدين.

يختم بولحية عمله بفصل خصّصه لعرض النتائج المتباينة للبعثات التعليمية المغربية واليابانية في الفترات التي حدّدها، ضمن أربع مقارنات: شمولية ميادين التعليم الياباني وهواجس التعليم العسكري في المغرب؛ اندماج المتعلمين اليابانيين وتهميش الكفاءات المغربية؛ والبعثات التعليمية المغربية واليابانية بين الكفاءات الفردية المنعزلة ونخب الفعل الجماعي؛ والبعثات التعليمية اليابانية والمغربية بين منطق القطيعة والاستمرارية ومبدأ النخبة والشمولية.

المساهمون