عمّال مصر في القرن الـ 19: فلاحون وحرفيون ومهاجرون

30 مارس 2018
(قناة السويس، 1869)
+ الخط -
مرّت مصر بتحوّلات أساسية على الصعيد السياسي والاجتماعي خلال القرن التاسع عشر، وكان لهذه التحوّلات أثرٌ كبير على العمل. تلك الحقبة شهدت توسّعاً في أداء المؤسسة الحكومية ودورها الاقتصادي، من ناحية العمل الإداري والتعليم والعمل العسكري والتجنيد. خلال هذا القرن بدأت الحكومات مشاريع اقتصادية، بعضها استلزم عدداً ضخماً من العمّال وأدوات جديدة لإنجاز هذه المشاريع، مثلما حدث عند حفر قناة السويس.

في الوقت نفسه، عرفت المناطق الريفية تحوّلات في أنماط الملكية، وفي الطرق التي يدار بها العمل الفلاحي، يضاف إلى ذلك الأثر الذي أحدثته الرأسمالية الأوروبية التي حلّت في البلاد مع حلول الاحتلال الإنكليزي، والذي أثّر على مظاهر مختلفة من الحياة اليومية وحياة الفرد وعلى رأسها حياة العمّال والحرفيين، وعلى طرق العمل. وقد لمس هذه التحوّلات الأغنياء والفقراء والريفيون البسطاء وأبناء المدينة، وتأثّر بها الغرباء المهاجرون إلى البلاد مثلهم مثل أبنائها.

ولا ينفكّ الدارسون يعودون إلى هذه الحقبة من تاريخ مصر، وإلى إشكالياتها لعدّة أسباب قد يكون على رأسها الأثر الذي تركته على واقع البلاد وقوانينها إلى اليوم. في هذا السياق، وحول هذه التغيرات، ينطلق اليوم المؤتمر السنوي للتاريخ الذي تنظمه "الجامعة الأميركية" في القاهرة، تحت عنوان "العمل في مصر في القرن التاسع عشر" ويتواصل ليومين، بمشاركة أكاديميين من اسكتلندا وفرنسا وأميركا ومصر.

جلسات المؤتمر تسائل القضايا المرتبطة بالعمّال وتوظيفهم، بل وتجنيدهم وتدريبهم وأساليب الإدارة في الريف والمدينة للعمال والحرفيين والصناعيين وأشكال أخرى من المهن، حيث يسعى المنظمون إلى مناقشة أسئلة جوهرية تساعد على فهم التحوّلات التي حكمت تاريخ مصر في القرن الـ 19، وتاريخ العمل في الريف والمدينة وللمرأة والرجل على حد سواء.

أما محاور المؤتمر فتنقسم إلى: التحوّل من الصنعة إلى المهنة، والتجنيد والعمل القسري بين السخرة والاستعباد، والعمل في المصانع، والعمال المهاجرين، وقوانين العمل، والتعليم والتدريب على العمل، وعمل المرأة وعمالة الطفل.

الجلسات يفتتحها الباحث أنتوني جورمان، من "جامعة إدنبرة" الاسكتلندية، بورقة تحت عنوان "العمال الأجانب في مصر: رفاق أم منافسون؟"، بينما تتناول الباحثة دينا باخوم من "جامعة بانتيون سوربون" في باريس "الترميم الفني والمعماري في القاهرة خلال القرنين التاسع عشر وأوائل القرن العشرين: إجراءات العمل والعاملون وراء الكواليس".

من مصر يقدم الباحث عماد أبوغازي ورقة حول "العمل في أوامر محمد علي"، ويبحث ناصرعثمان في "عمال الباشا – عمال النسيج وتطور جديد من أطوار التبعية لصاحب العمل في عهد محمد علي"، ويناقش راضي جودة "العمالة في حفر قناة السويس"، ويتناول محمد جمال الدين "التصوير الفوتوغرافي وسياسة المحو: دراسة حالة لبناء قناتي السويس والإسماعيلية وإسكات العامل المصري"، ويستشكف سيد عشماوي تاريخ "الترحلجية (عمال التراحيل): العمل المأجور في الزراعة المصرية في القرن التاسع عشر".

وفي ما يخصّ موضوع عمل المرأة والطفل، يقدّم الباحث عاصم الدسوقي ورقة حول "خروج النساء والأطفال للعمل في مصر القرن التاسع عشر". ويلقي المؤرخ مجدي جرجس محاضرة حول "أساقفة الصعيد: العمل والتجارة في القرن التاسع عشر"، كما يشارك الباحث رزق نوري بورقة حول "العمل والهجرة الداخلية: الصعايدة في القاهرة في القرن التاسع عشر"، في حين تتناول نيفين علوان "الاقتصاد الريفي في أسيوط"، وتتطرق الباحثة هند محمد لـ"المرشديين السياحيين في مصر" في تلك الحقبة.

في حين يدرس الباحث الأميركي إريك كوفي من "جامعة ميامي" "المرتزقة واحتراف الجيش المصري في سبعينيات القرن التاسع عشر"، ومن "جامعة نيو إنغلاند" يشارك الباحث علي عبد اللطيف أحميدة بورقة حول "هجرة الليبيين إلى مصر في القرن التاسع عشر: المستوطنة وتشكيل الطبقة"، وتحت عنوان "المهاجرون والعمال في ضواحي الإسكندرية وفقاً لتعداد السكان لعام 1848"، يشارك الفرنسي جيلان آلوم من "مركز البحر المتوسط لعلوم الإنسان".

يصاحب المؤتمر معرض صغير للكتب المتخصصة في موضوع المؤتمر وتلك الحقبة من تاريخ مصر، يشارك فيه "المركز القومي للترجمة"، و"الهيئة العامة للكتاب"، و"دار العربي للنشر"، و"المعهد الفرنسي لللآثار الشرقية".

المساهمون