بروفة روسية في تدمر: هوية بديلة؟

09 مايو 2016
(أوركسترا مارنسكي الروسية في تدمر، تصوير: أنطون نوفودرزكن)
+ الخط -

كانت فرقة مسرح "مارينسكي" الروسية تسجل توقيعها الأول قبل أن تُحيي الفرق السورية موسيقاها الجمعة الفائتة على مسرح مدينة تدمر، الحدث الذي سمّاه الروس "صلاة لتدمر" رتلها موقع "روسيا اليوم على طريقته:

"السيمفونية الروسية تحمي سماء تدمر" عبر متابعة بالفيديو للحدث الموسيقي الذي اعتبره الرئيس الروسي فلاديمر بوتين "مبادرة إنسانية" خلال إطلالة مباشرة بنافذة تلفزيونية وضعت يسار المسرح التدمري الكبير.

سيمفونية مرئية رافقت الحدث من كاميرات طائرة أظهرت حجم الدمار بلؤلؤة البادية السورية، مشاهد أخرجتها أيادٍ روسية تلفزيونياً، كما سمح لمحطات إخبارية دولية متعدّدة بمتابعة الحفل الذي امتد إلى نحو ساعة بحضور (400) شخص حسب ما ذكرت وكالات الأنباء.

لا يغيب عن الذهن كيف أُعدم على المدرج ذاته عدد من جنود النظام السوري على يد داعش بعد سقوط المدينة منذ عام تقريباً. أمّا اليوم نشاهد جمهوراً آخر، ها هم الجنود الروس يحتلون القسم الأعلى من المدرج بينما تجلس مجموعة من الفنانين الموالين للنظام السوري في الأسفل وعلى الأطراف، وفيما بين عامة الناس ضباط وجنود من قوات النظام بثيابهم الزيتية، إضافة لبعض رجال الدين والأطفال وبعض من أهل المدينة.

في وسط المسرح تربعت الفرقة الروسية بقيادة" فاليري غيرغيف" لتعزف مقطوعات لباخ وبروكوفييف، بدا المشهد وكأنه محاولة استباقية لفرض الثقافة البديلة عن ثقافة القتل والتكفير، والعاملون في الثقافة السورية ينتظرون الإذن بالدخول إلى أنقاض المدينة التي فقدت من آثارها وبيوت أهلها ذكرياتهم.

كان الأجدر بالسوريين أن يرمموا جراحها قبل أن يصطاد الروس فتوحهم التطبيعية فوق ركام المعارك والهدوء المفاجئ لتدمر! "انتصار" ربما لطرف النظام توّج بحفل موسيقي روسي يعكس الصورة البديلة في أذهان الناس لإنجازات المعارضة المسلحة بنزعاتها الدينية، ومنعها الموسيقى بأحكام شرعية.

ألا يبدو ذلك مكسباً شعبياً على الأرض للسلطة وبديلها المتخبّط؟ ترى هل نعتبر ذلك إلغاءً لدور الثقافة السورية الرسمية أو الأهلية في قول موقفها من هذه الظاهرة التي قد تساهم في إلغاء الهوية السورية؟ إن سيطرة "الحلفاء" على جغرافيا الذاكرة السورية دبلوماسياً منذ البداية، وعسكرياً أثناء احتدام الأحداث حتى الآن، وأخيراً ثقافياً بصلوات ربما كان على السوريين أداؤها قبل أن يظهر للرأي العام أن "النصر" روسي والنظام السوري مجرد دمية.

المساهمون