"التصوير في أميركا اللاتينية": مشهد ضدّ الصمت

29 اغسطس 2019
(أحد شوارع سانتياغو، تشيلي، 1983، ألفارو هوبي، من المعرض)
+ الخط -

عاشت أميركا اللاتينية خلال النصف الثاني من القرن الماضي على وقع تقلبات عدة، مع تصاعد العنف المسلح والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والمواجهة مع الأنظمة الدكتاتورية خلال الحرب الباردة، وهي سياقات تركت أثرها الكبير على الأدب والفنون.

تحضر هذه الفترة ضمن تشكيلة من الصور الفوتوغرافية لأكثر من سبعين مصوّراً يقدّمها معرض بعنوان "دوافع الحضرية: التصوير في أميركا اللاتينية من 1959 إلى 2016" يقام حالياً في غاليري "The Photographers" بحي "سوهو" اللندني ويتواصل حتى السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

يعود المنظّمون إلى الثورة الكوبية كنقطة زمنية مرجعية تتأسّس عليها أحداث أكثر من خمسين سنة لاحقة، مع ظهور أول جمهورية معادية للولايات المتحدة والغرب في المنطقة، وتبنيها قيم التحرر الوطني والاشتراكية ومحاولة تصديرها إلى بلدان أميركولاتينية وأفريقية، لكن الأهمّ أنها كرّست لأول مرة فكرة وحدة شعوب القارتين الأميركيتين.

من الفوتوغرافيين الذين تشارك صورهم في المعرض: الكوبي ألبرتو كوردا (1928-2001)، والمكسيكية غراسيلا إيتوربيد (1942)، والتشيلي سيرجيو لارين (1931 -2012)، والأرجنتيني إدواردو لونغوني (1973) والكولومبي بيتريز جاراميلو (1955).

من خلال تقديم مجموعة متنوعة من الأساليب الفنية، يتتبع المعرض مجموعة من الأحداث التاريخية الهامة التي ميزت المنطقة مثل الديكتاتوريات العسكرية في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وباراغواي، إلى جانب الحركات الاجتماعية الجماهيرية التي ناضلت عقوداً ضدّ الاستبداد.

"بيونوشيه"، عمل لـ فرناندو بيدويا، 1987 (من المعرض)تمثّل المقاومة اليومية للقمع ثيمة أساسية لدى العديد من الفنانين في المعرض، وهم في الغالب كانوا فاعلين في المجالين الفني والسياسي على حد السواء، كما يظهر اعتماد تصوّرات مختلفة في بناء الصورة مثل إدماج الملصقات السياسية والمطبوعات والرسوم الغرافيكية. تتناول المواد المعروضة موضوعين رئيسين: الأول يوثّق عمليات الاختطاف والاختفاء القسري التي ارتكبتها الأنظمة الاستبدادية وكيف كان التصوير الفوتوغرافي سلاحاً ضد الصمت، والذي استطاع أن ينقل صورة الواقع المملوء بالغضب والسخرية والإحباط في مرحلة فشلت الكتابة والقوانين والمحاكم في إحقاق العدالة.

في مسار موازٍ، تظهر التطورات السريعة في أميركا اللاتينية من خلال صور الإعلانات التي تنوّعت وانتشرت في كلّ مكان، وكيف تمّ الانتقال إلى المجتمع الاستهلاكي، وظهور ثقافة البوب من موسيقى وفنون ونمط عيش، ودخول العلامات التجاربة الشهيرة، وتوظيف الثقافات الشعبية في مجالات مختلفة.

تُبرز التجارب التي يقدمها المعرض هوية القارة المتنوّعة وخصائص كلّ مجتمع من مجتمعاتها والتي تختلف في كثير من العادات والتقاليد، لكنها تجتمع في مواجهة الاستعمار الثقافي والاقتصادي واختبار ظواهر وأحداث متماثلة في سياق ما بعد الكولونيالية.

المساهمون