في حين أن الثورات العربية أثارت بوضوح تغييرات اجتماعية وسياسية شاملة، ما زالت نتائج تغييراتها الثقافية واللغوية بعيدة المدى وليست واضحة. وبالنسبة إلى الأكاديميين والصحافيين وحتى من تحركوا في الشارع، فقد كانت في المقام الأول ثورة في اللغة وكسر الاضطهاد اللغوي والتعبير عن فساد الأنظمة القديمة وخلق لغات جديدة تمكنهم من إعلام الأحداث الجارية والتحولات الجارية وروايتها وترجمتها.
من هنا، ينطلق الباحث إيلاف بدر الدين في دراسة يحاضر عنها في "منتدى الدراسات العابرة للمناطق" في برلين، عند الخامسة من مساء الأربعاء، الثلاثين من الشهر الجاري، حول دراسة يجريها بعنوان "ترجمة الثورة السورية"، حيث يركز على الترجمة ولغة الاحتجاجات، وخاصة في سورية، وكذلك على الأرشيف والأداء خلال الثورة.
يرى الباحث أنه وبغض النظر عن ما تعنيه كلمة "الثورة" للنظام بأنه "ثورة تصحيحية أو حركة" على سبيل المثال أو بالنسبة للسوريين، فإنه لا ينوي إظهار مصطلح دقيق أو أفضل ولكنه يركز على فعل ترجمة اللغة الثورية وسياقها.
ويتساءل ما الذي تم ترجمته ومن قبل من، وعلاقة ذلك بسوق الترجمة العالمي، وكيف يظهر الخطاب الإنكليزي والعربي كما يتم ممثلة في الكتب والترجمات العربية والإنجليزية. علاوة على ذلك ، يستخدم الترجمة كأداة لتشريح لغة الثورة متعددة الطبقات الغنية ومقارنتها بترجماتها وخلفيتها التي تمثلها الكتب الإنجليزية والعربية في سورية حتى عام 2018.
يجادل بدر الدين بأنه قد تمت ترجمة اللغة تمت بحيث تتلائم مع الخطاب السائد في اللغة الإنكليزية بسبب خمسة عناصر؛ هي اختيار المصطلحات، والترجمة خارج المنطقة بمعنى فقدان المكان الجغرافي كمصدر للمعرفة، والحد من جوانب الأداء، وسوق الترجمة العالمية والناشرين، وعدم النظر في اللغة العربية كلغة لإنتاج المعرفة.
يذكر أن بدر الدين يجري أطورحة الدكتوراه في الأدب العربي والأدب المقارن، ويعمل على دراسة "ترجمة لغة الثورة السورية 2011"، ويصدر له العام المقبل كتاب "ترجمة جدران الحزن: آخر كلمات حلب" (روتليدج)، وهو مؤلف كتاب "عندما صرخوا "إلى الأبد": لغة الثورة السورية"، وقد حصل عنه على جائزة صادق جلال العظيم الثقافية في عام 2018.