لا يزال الشاي هو المشروب التجاري الأكثر شعبية في العالم اليوم، وفي مطلع القرن العشرين، كان يمثل أكبر صناعة تصدير في كل من الصين والهند الكولونيالية، وتكشف المنافسة التي كانت بين البلدين على صناعة الشاي، عن جذور الرأسمالية فيهما خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين.
هذه المنافسة وتاريخها هو موضوع الكتاب الصادر مؤخراً عن "منشورات جامعة يال" تحت عنوان "حرب الشاي: تاريخ الرأسمالية في الهند والصين" للباحث أندرو بي. ليو، أستاذ التاريخ في جامعة فيلانوفا، حيث يركز بحثه على الصين وآسيا وتاريخ الرأسمالية.
وفي حين أن علاقة الصين بالشاي ثقافياً قديمة جداً وتعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، فقد بدأ البريطانيون مزارع الشاي التجارية في الهند وفي سيلان عام 1824، بعد أن اكتشفوا نباتات الشاي في التلال على طول الحدود بين بورما وآسام، والمفارقة أنهم في البداية استخدموا بذور شاي من الصين.
كانت الهند أكبر منتج للشاي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ولكن الأمر اختلف الآن فقد أصبحت الصين أكبر منتج للشاي في القرن الحادي والعشرين، صحيح أن شركات الشاي الهندية تداخلت مع عدد من شركات الشاي الأجنبية الشهيرة بما في ذلك العلامات التجارية البريطانية ليبتون، وتيتلي، وفوينجز وتيفو، فمعظم أصحاب تجارة الشاي الهندية قد ركّز على الصادرات إلى أسواق مثل أوروبا وروسيا، بينما اهتمّ القليل منهم على بناء علاماتهم التجارية الخاصة بخلاف الصين.
في تحليل المنافسة العالمية بين الشاي الصيني والهندي، يتحدى الكاتب التاريخ الاقتصادي السابق القائم على "الاختلاف" التقني بين الغرب وباقي العالم، بحجة أن التقنيات والممارسات التقليدية كانت أساسية لتراكم رأس المال الحديث عبر آسيا.
ويوضح ليو كيف أن الضغوط التنافسية أجبرت التجار الصينيين على تبني مفاهيم صناعية جديدة؛ في حين دفع المزارعون الاستعماريون في الهند من أجل قوانين العمل العمالية لدعم مزارع الشاي على غرار المصانع.
ويوضح المؤلف أن القوميين الصينيين والهنود اعتمدوا مفاهيم جديدة للاقتصاد السياسي واكتشفوا أن هذه الأفكار المجردة تتوافق مع التغيرات الاجتماعية الملموسة في محيطهم المحلي. تشير هذه القصص معًا إلى تصور أكثر مرونة وعالمية لتاريخ الرأسمالية في الصين والهند.