محمود الحوراني.. تغريبة المهاجرين إلى الشمال

18 اغسطس 2015
(من تحضيرات العرض)
+ الخط -
للهاربين المُهرَّبين عبر الحدود، للناجين من قوراب الموت، للواصلين إلى أوروبا من جنوب العالم الفقير والموحش، لأصحاب الأوراق الثبوتية "المضروبة" والأصلية، الحالمين باللجوء، لكل هؤلاء وعنهم تُعرض مسرحية قصيرة (35 د) بعنوان "تكرم العين اللّي ساكنة بعيد" على خشبة مسرح "مترو المدينة" في بيروت، الثامنة والنصف من مساء الأربعاء.

العرض ينتمي إلى مسرح الدمى "التجريبي"، أو غير التقليدي، وهو من إنتاج "المؤسسة العربية لمسرح الدمى والعرائس" في بيروت، التي أسّسها المسرحي الفلسطيني محمود الحوراني، مخرج العمل، سنة 2008.

يقول المخرج في حديث إلى "العربي الجديد" إن العرض صامت وبعيد جدّاً عن مسرح الدمى التقليدي: "هناك أربعة ممثلين وقناع واحد، ولكن الأربعة يحرّكون القوارب التي صنعناها بأنفسنا من الورق".

يستطرد: "نميل إلى البساطة في الأدوات ونتقصّدها، فنحن نؤمن بالبساطة كمهارة ليست سهلة ولكنها أقرب إلى الناس، نصنع كل شيء من مواد عادية، ومن دون تكلّف وبشكل تجريدي".

حول عنوان المسرحية يوضّح الحوراني: "إنها عين أبنائنا الذين هاجروا أو هُجّروا قسراً بحثاً عن الأمان، وكل يوم تصلنا أخبارهم ونسمع عن أهوال الطرق التي يسلكونها في سبيل اللجوء إلى بلد أوروبي".

وصلت هذه المسرحية فعلاً إلى الناس الذين تناولت حكاياتهم. ففي العام الماضي، تنقّلت "تكرم العين اللّي ساكنة بعيد" في أماكن اللاجئين في السويد والدنمارك، بين "مخميات الإيواء المؤقّتة"، حيث كان جمهورها من السوريين والأفغان والعراقيين والغزيين والأفارقة وغيرهم، ساعدها في أن تصل إليهم أنها صامتة لا تحتاج إلى لغة، بل تصوّر قصص من شاهدوها وتجاربهم في الوصول إلى تلك البقعة الباردة من العالم، حيث يمكنهم العيش بأمان.

يتألّف العمل من مشاهد لقصص مختلفة، يؤدّيها الممثلون أحمد عيسى ومريم بلحص ومصطفى حجازي وكارمن عمر، فتبدو على شكل "كولاج"، يجمع بينها كشف قسوة التهجير والانتزاع من الوطن والأهل والبيئة.

يقول الحوراني: "إنه إبعاد من الوطن إلى ضيعة "قرية" في السويد أو الدنمارك. لم يكن خيارهم، لذلك فهو أقسى. صحيح أنها أماكن آمنة، لكنها أبداً لن توفّر للاجئين إليها الشعور بالانتماء".

إذن، نحن أمام عرض يعتمد على صمت البشر ولغة الأشياء. في أحد المشاهد، ترفض الحقيبة أن تذهب مع صاحبها إلى القارب، يحاول زحزحتها من مكانها، لكن أخبار الغرق التي تصلها تجعلها تتسمّر في مكانها وتلتصق بالأرض. الأشياء تعصي أصحابها، تخاف أكثر ممّا يخافون، حتى "الجاكيت" يرفض أن يُرتدى.

في مسرح الدمى، يريد الحوراني أن يجرّب ويختبر إمكانيات جديدة، لكنه لا يريد أن يلجأ إلى نصوص غربية مكتوبة ومعروفة، عن ذلك يقول: "أريد مسرحاً يحكي عنّا.. عن الأمور التي تحدث لنا ومن حولنا".

من العرض
المساهمون