"يفغين أونغين" و"لحن وارسو": إضاءة مزدوجة على المسرح الروسي

12 يونيو 2019
(مشهد من إحدى مسرحيات "لحن وارسو")
+ الخط -

تعدّ "يفغين أونغين" من بين أشهر كلاسيكيات الأدب الروسي، وهي رواية كتبها في شكل أبيات شعرية ألكسندر بوشكين (1799-1837) ونشرت في سلسلة بين عامي 1825 و1832، وقد أصبح بطلها نموذجاً في العديد من الروايات التي كتبت بعدها. وكونها كتبت شعراً، جعل من تحويلها إلى أوبرا أمراً متاحاً، وقد تصدّى لتلحين أبياتها أبرز موسيقيّي روسيا في ذلك العصر؛ بيتر إليتش تشايكوفسكي (1840-1893)، وقد أصبحت تعرف كأوبرا أكثر من كونها رواية شعرية.

صدرت مؤخراً ترجمة "يفغين أونغين" ضمن سلسلة "من المسرح العالمي" بترجمة محمد صالح ومراجعة منذر ملا كاظم، وقد وضع لها مقدمة ودراسة نقدية الأكاديمي أشرف الصباغ. وفي نفس الكتاب، صدرت ترجمة لنص مسرحية "لحن وارسو" لـ ليونيد زورين (1924)، وهو أحد أكثر النصوص الروسية تأدية على المسرح في أوروبا حتى اليوم، فبعد صدوره في 1967 سرعان ما تسابق عليه المخرجون.

تشترك المسرحيتان في الموضوع فتتناولان الحب الذي تقف أمامه عوائق اجتماعية وسياسية. ففي رواية بوشكين، توجد ثلاثة فصول وسبعة مشاهد، تبدأ مع الفتاة تاتيانا التي تقع في حب يفغين أونيغن، والذي ستكتب له خطاب اعتراف بالحب، وهو فصل خلّده أحد أشهر مشاهد الأوبرا، حين تساعد الموسيقى في إبراز الجانب العاطفي للعمل، خصوصاً في لحظة التصادم بين الاعتراف بالحب ورفضه. تتشعب الأحداث وصولاً إلى مبارزة يقتل فيها أونغين أعز أصدقائه، ثم يعيش هائماً شاعراً بالذنب ليكتشف بعد فوات الأوان أنه كان يحب تاتيانا، غير أنه حين يلتقي بها من جديد تنتهي المسرحية عند مشهد أوبرالي مؤثر ترفض فيه البطلة حب يفغين.

إلى اليوم، تعتبر "يفغين أونغين" من أفضل النماذج التي تجسّد الأوبرا الغنائية الروسية التقليدية، وهي أيضاً من عروض الأوبرا القليلة التي وصلت إلى أشهر مسارح أوروبا بلغتها الأصلية، وإن كان الجمهور ينسبها في الغالب إلى ملحّنها تشايكوفسكي وليس إلى مؤلفها بوشكين.

أما مسرحية "لحن وارسو" فهي تتحدّث عن شاب من الاتحاد السوفييتي (فيكتور) يقع في حب فتاة بولندية (هيليا) بعد أن يلتقيها في موسكو. ولأن القوانين كانت تمنع زواج مواطن سوفييتي من أجنبية يفترق الاثنان وينصاع فكتور للقانون مستسلماً، لنقف أمام نسخة سوفييتية من روميو وجولييت، تصوّر الحب من خلف الستار الحديدي.

ترصد هذه المسرحية صراع الفرد الداخلي مع الاضطهاد السياسي وهو يستهدف الحياة الخاصة، غير أن ذلك الصراع لا يتحوّل إلى فعل. ورغم أنها تنتقد السياسة السوفييتية إلا أن هذا العمل سُمح له بالعرض حيث اعتبر نقداً للمرحلة الستالينية وليس نقداً للمنظومة الشيوعية برمّتها.

حين سئل زورين عن سر نجاح هذه المسرحية، عزا ذلك إلى كونها تصوّر "كفاح الفرد ضد الدولة"، وإن أشار النقاد إلى كون المسرحية لا تبدو ثورية إذ إن شخصياتها أظهرت استسلاماً أمام القانون والسلطة ليفترق فيكتور وهيليا في النهاية.

دلالات
المساهمون