تزفيتان تودوروف.. تفكيك "عبء" الرجل الأبيض

16 اغسطس 2014
(تصوير: بيدرو آرمستر)
+ الخط -
يشكّل كتاب "تزيفتان تودوروف - تأملات في الحضارة والديمقراطية والغيرية"، الصادر مع مجلة "الدوحة" بإعداد وترجمة محمد الجرطي، فرصة للوقوف على عالم وأفكار المفكر الفرنسي، بلغاري الأصل، وذلك من خلال ثلاثة فصول تضمّ حوارات ومقالات وقراءات نُشِرت في الصحف والمجلات الفرنسية.

الفصول الثلاثة تعرض وجهة نظر صاحب "الأدب في خطر" تجاه قضايا العالم الراهنة، انطلاقاً من كتبه التي ينكبّ فيها على دحض مقولة التفوُّق الحضاري للغرب، تلك التي تعيد إلى الأذهان "عبء الرجل الأبيض" وهو يجاهد زوراً لتمدين الآخر ونشر الحضارة في بلدانه. كما يدعو تودوروف إلى التحلّي بالتسامح مع الآخر، بما في ذلك الأقليات التي تعيش في الغرب، من خلال التعايش مع الثقافات المختلفة لإرساء أسس التفاهم والحوار. ويحذِّر الغرب من خطاب الكونية الزائفة، حيث يسعى الغرب بشكل جنوني وبطرق غير مشروعة إلى إسقاط منظوره الحضاري على الشرق، باعتبار أن حضارته هي الأرقى والأرفع منزلة، فيقصي، من ثمّ، على الطرف الآخر، وعلى خصوصيته.

يقول المترجم في مقدمته: "انطلاقاً من مقاربة متعدِّدة الأبعاد تتقاطع فيها حقول معرفية متنوّعة: علم النفس، علم الاجتماع، التاريخ، الفلسفة، الأنثروبولوجيا، ينبّه تودوروف الغرب إلى خطر الخوف المَرَضي من الآخر- خصوصاً الإنسان المسلم- لأن الإذعان لهذا الخوف الذي أضحى رهاباً يقضّ مضاجع الغربيين دفعهم إلى اعتبار الآخر بربرياً، ومن ثمّ مارسوا ضدّه سلوكيات أكثرإغراقاً في البربرية والوحشية. ولعلّ ما حدث في سجنَيْ أبو وغوانتانامو يبقى خير شاهد غريب".

 يصرخ صاحب "غويا في ظل الأنوار": "من السهل أن نقتل باسْم حقوق الإنسان كما نقتل باسم الله". ثم يسأل نفسه: "ما هي التعددية الثقافية؟"، ويجيب "يكفي القول: إنها نزعة إنسانية. إنها سمة سياسية تكمن في نقد الاختلافات بين المجتمعات داخل بلد ما".

 ولا يتوانى تودوروف عن هجاء الديمقراطية الغربية بالقول: "المسيحية السياسية للمحافظين الجدد تقدِّم نفسها كحامل للتقدُّم وحقوق الإنسان والازدهار الاقتصادي للجميع، غير أنها تتناسى أن تطلب رضا وموافقة هؤلاء الناس الذين تتوجّه إليهم، وترسل إليهم جيشها ليحرِّرهم. وكنتيجة لهذا النزوع، يتمّ إضفاء طابع الشرعيةعلى التعذيب الذي، فضلاً عن ذلك، وافقت عليه الدول الأوروبية بلا تردُّد. إن الديموقراطية، في الولايات المتحدة كما هو الشأن في أوروبا، أصبحت متآكلة ومهدَّدة من طرف السلطة المفرطة في التجاوزات التي اكتسبها أصحاب النفوذ المالي... إن تمويل الحملات الانتخابية من طرف المقاولات والشركات الذي أصبح يحظى بالشرعية، يفسد العملية الديموقراطية. وكل هذا يحدث باسم أرقى الديموقراطيات وأعرقها".

المساهمون