من يسجل ذاكرة العالم؟

10 نوفمبر 2017
(الصورة من صفحة السجل على موقع يونسكو)
+ الخط -
قبل أيام أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، المعروفة اختصاراً بـ"يونسكو"، عن تدوين التجربة التونسية في مجال إلغاء الرقّ (1841-1846)، في مشروعها الذي أطلقته عام 1992 تحت عنوان "سجل ذاكرة العالم".

لا شك أن في هذا تقديراً لتجربة مبكرة جداً في تحرير الرق، لكنه يثير الفضول للتقليب في هذا السجل واستكشاف الوثائق التي يحتويها، والأهداف التي يسعى إليها، والطريقة التي يقرر بها أن هذه الوثيقة تنتمي إلى ذاكرة العالم، وتلك الوثيقة لا تصلح، إذ يتلقى السجل مئات الطلبات من بلاد العالم التي تريد أن تكون ضمن أرشيفه.

تقول اليونسكو في بيان المشروع إنه أطلق، نتيجة للوعي المتزايد بصعوبة الحفاظ على الوثائق والوصول إليها في مناطق مختلفة من العالم، لا سيما في أوقات الحروب والاضطرابات، أو لأن بعض الوثائق لقيت مصائر مختلفة من الحرق والتمزيق والاتجار غير المشروع بها والإتلاف.

على موقع السجل ثمة قائمة من تسع صفحات، حول الوثائق التي تعتبر جزءاً من ذاكرة العالم، التقليب في المحتويات يكشف غياباً كبيراً للبلاد العربية، ثمة بعض المخطوطات من المغرب وعُمان والسعودية ومصر واليمن، أما الحصة الأكبر من الوثائق التي تخص الثقافة الإسلامية فهي مشاركات إيران وتركيا بشكل أساسي.

"إسرائيل" تحضر في سجل ذاكرة العالم بأربعة مخطوطات مختلفة، من بينها نسخة "مخطوطة حلب" المكتوبة بالعبرية؛ وواحدة تحمل عنوان "أرشيف الحكايات الفلكلورية الإسرائيلي"، والذي يقول النص إنه يتضمن الأزياء والعادات والتقاليد التي عرفها "الشتات اليهودي"، كما يضم وفقاً لموقع السجل "السرديات الفلكلورية لجماعات إثنية تعيش حالياً في إسرائيل؛ وتتضمن البدو والمسيحيين والمسلمين والدروز"، إذن هؤلاء مجرد جماعات ويعيشون حالياً فقط في "إسرائيل"!

فلسطين حاضرة في السجل من خلال الصور والأفلام الملتقطة للّاجئين الفلسطينيين من قبل منظمة الـ"أونروا"، ليس ثمة أي مخطوطة من سورية أيضاً ولا العراق في القائمة الإلكترونية المتاحة على موقع يونسكو، وليس مستغرباً تواضع حضور مخطوطات المنطقة العربية في هذا السجل، فجزء كبير من ذاكرتنا موزع كغنائم على متاحف الدول الاستعمارية.

مثل هذه المشاريع تبدو مفيدة، إذ تتيح رقمنة الوثائق والحفاظ على مضامينها، لكن مسألة "ذاكرة العالم" فيها ممارسة لسلطة ما حول تاريخ لا يمكن أن يكون هناك سلطة عليه، ومثلما هو السؤال المعرفي والنقدي الشهير: من يكتب التاريخ؟ نسأل نحن بدورنا: من يسجل ذاكرة العالم؟ وكيف؟

دلالات
المساهمون