بول كاستيلا: "البويتوغرافيا" طريقة عيش

27 يناير 2017
(بول كاستيلا (يسار) مع عبد الغفار سويريجي)
+ الخط -

تلفت إقامة الفنان والشاعر الفرنسي بول كاستيلا في المغرب منذ أكثر من عقدين، النظر إلى إصداراته الشعرية وتجربته الفوتوغرافية ورؤيته للفن و"طريقة عيشه" في بلد فضلّه على بلدان أخرى، ربما كان وطنه الأم من بينها.

مؤخراً، أصدرت منشورات "كراس المتوحد" في الرباط، "بويتوغرافيا" Poetographia لـ كاستيلا بعنوان "أيام جديدة" تضمّ أكثر من 60 صورة تجاورها قصائد هايكو، بلغة تعبيرية تجمع بين خطابين؛ شعري وفوتوغرافي يلتقطان تكثيف لحظة بعينها ويستعيران عبرها الفكرة.

لعلّ جزءاً من المعرفة التي يكتسبها الهايكو ويلتقطها الفوتوغراف تعطي هذا الملمح لقوة التعبير الإبداعي من دون حاجة للكثير من التوظيف اللغوي؛ لغة مقابل لغة، تشكلان معاً حواراً معرفياً وجمالياً، يندمجان ويندغمان في توصيف اللحظة الإنسانية.

اختار صاحب "الاختلاف.. زيادة" في كتابه الجديد أن يجمع بين عالمين يحملان العديد من نقاط التقاطع، واصفاً ذلك بقوله: "أنا عصامي في عزف الجاز. ويمكن القول بنفس القدر إنني أرتجل على شاكلة أطباق طائرة غريبة في الموسيقى. بشكل عام، هذا النشاط هو بالنسبة إليّ للترويح عن النفس وتسليتها، أعزف لنفسي فقط. ولكن العواطف والانفعالات التي يثيرها في نفسي الإيقاع والألحان تماثل تلك التي تنتابني وأنا أزاوج بين الصور والقصائد..".

يُصبح مفهوم "البويتوغرافيا"، وفق الكتاب، امتداداً للفن المفاهيمي، الذي يعتمد تقنية الكولاج، وهنا تحاول القصيدة ملء بياضات "لغة الصورة" بعيداً عن أي تكلّف بلاغي. كلّ من الصورة والقصيدة الومضة يكتملان في دلالات منفتحة على القراءة والتأويل.

تضمّن الكتاب كذلك حواراً مطولّاً مع الفنان أعدّته "كراس المتوحد" تحت بعنوان "طريقة للعيش قلّما تحمل همّ الغد والآتي"، ترجمه المبارك الغروسي، وفيه يتحدث كاستيلا عن مفهوم البويتوغرافيا عنده: "القصائد القصيرة تشترك مع التصوير الفوتوغرافي في كونها تبرز في لحظة نوعاً من الوجدان المكثف. جعلت لبضع سنوات صوري مرفقة بنصوص قصيرة. ثم فكرت لاحقاً في دمج النص نفسه في الصورة بفضل الوسائل الرقمية".

ويضيف كاستيلا أن البويتوغرافيا "هي في البدء صورة فوتوغرافية، أضمّ إليها قصيدة قصيرة ترتبط من جانب المعنى بالصورة ومن جانب الخط والرسم بالألوان المهيمنة. يمكن القول بشكل من الأشكال إن النص هو الصدى المتردد في الكلمات للانفعال الوجداني في اللقطة المصورّة".

بدوره، يعتبر ناشر "كراس المتوحد"، المترجم عبد الغفار سويريجي، البويتوغرافيا "عملاً فنياً مركباً تتداخل فيه الأبعاد وتمتزج الأجناس، فتنتج بعداً تعبيرياً جديداً، تسهم القصيدة إلى جانب الصورة في إنتاج المعنى، ويعدّ كل واحد منهما امتداداً للآخر، يستمدّان من بعضهما المادة والجوهر. ينصهران داخل كتلة واحدة. يتكاملان مثل وجهي العملة الواحدة".

المساهمون