مع حلول العام الجاري، وصلَ عددُ المتاحف في الجزائر إلى قرابة تسعين متحفاً؛ سبعةٌ منها توجد في الجزائر العاصمة، وهي تُضاف إلى مئاتٍ من المواقع الأثرية التي جرى تصنيف سبعٍ منها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
مع ذلك، لا تُشكّل تلك المتاحف والمواقع نقاط جذبٍ سياحي وثقافي؛ فرغم أنَّ الهيئات الرسمية الجزائرية لا تُقدّم أرقاماً دوريةً ودقيقةً عن أعداد زوّار المتاحف والمواقع الأثرية سنوياً في مختلف مناطق البلاد، فإنَّ الواقع الميداني يُخبرنا بقلّة أعداد زوّارها مقارنةً بالأعداد الكبيرة التي تزور المتاحف والمواقع الأثرية في بلدانٍ أُخرى من العالم، وهو واقعٌ يرتبط، من جهةٍ، بكونِ الجزائر بلداً غير سياحي رغم توفّره على كثيرٍ من الإمكانيات الطبيعية والأثرية، ومِن جهةٍ ثانية بغياب استراتيجيةٍ لإعادة تأهيل المتاحف وتطويرها.
تعود هذه الحقائق مع فعاليات "شهر التراث" التي تُقام بين الثامن عشر من نيسان/ أبريل والثامن عشر من أيار/ مايو من كلّ عام، والتي تُنظَّم هذا العام بشكلٍ افتراضي، بسبب تفشّي وباء كورونا؛ حيثُ جرى إطلاق سلسلة من الندوات والمحاضرات التفاعلية حول التراث الثقافي في الجزائري تحت شعار "ريّح في دارك (ابق في بيتك)، التراث الثقافي ضيفُك"، بمشاركة أثريّين وباحثين في التراث الثقافي من داخل البلاد وخارجها.
كما بدأ "ديوان تسيير واستغلال الأملاك الثقافية"، التابع للوزارة، منذ أيام، في تنظيم زيارات افتراضية إلى المتاحف والمواقع الأثرية عبر صفحاته في مواقع التواصل.
في هذا السياق، أطلقت وزارة الثقافة، يوم الثلاثاء الماضي، حملةً لتطهير وتعقيم المواقع الأثرية، حيثُ كانت البداية بكلّ من "المتحف الوطني – الباردو"، و"المتحف الوطني الجزائري للآثار القديمة والفنون الإسلامية" في الجزائر العاصمة، على ان تتواصل العملية في متاحف ومواقع أُخرى عبر مختلف مدن البلاد، بحسب بيانٍ للوزارة.
تُقام هذه الحملة التنسيق مع "الكشّافة الإسلامية الجزائرية"، وتأتي - بحسب البيان ذاته - "في إطار الجهود المبذولة لمنع انتشار وباء كورونا"، وبالتزامن مع فعاليات شهر التراث الذي يقام هذه السنة تحت شعار "التراث الثقافي في ظل الرقمنة".
تُثير هذه الحملة أكثر من سؤالٍ عن جدواها؛ إذْ ما الفائدة من تعقيم المتاحف والمواقع الأثرية التي لا شكَّ أنّها لن تكون قبلةً للزوّار خلال أيام الحجر الصحّي وانتشار الوباء، وهي التي كانت تشكو من قلّة الزوّار في الأيّام العادية؟ وهل الأمر مجرّد نشاطٍ يُقام من أجل إضافته إلى أنشطة "شهر التراث" وتكييفه مع الوضع الصحّي الحالي، حتى وإنْ لم يكُن مجدياً؟