هارنونكورت.. رحيل مرجع موسيقي

07 مارس 2016
(هارنونكورت في 2012، تصوير: هرفيغ برامر)
+ الخط -

لم يمض وقت طويل على إعلانه اعتزال قيادة الفرق الفيلهارمونية، حتى رحل الموسيقار النمساوي نيكلاوس هارنونكورت. ففي الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صرّح للرأي العام بقراره الأخير، وفي الخامس من الشهر الجاري أعلنت أسرته رحيله عن عالمنا عن 86 عاماً في مقرّه الريفي في سانكت غيورغن بالقرب من مدينة سالزبورغ النمساوية.

يعدّ هارنوكورت موسيقار تخطي التناقضات، إذ عرف كيف يحتوي في الأعمال التي قدّمها ما يطلبه المستمع الحديث مع الحفاظ على الروح التي أراد أن ينقلها مؤلّفو المقطوعات الموسيقية. لعل من أبرز ما يذكره الجمهور حوله هو خوضه تجربة ناجحة في قيادة جوقة صوتية لأكثر من 300 طفل يؤدّون أعمالاً ليوهان سباستيان باخ.

اشتهر الموسيقار النمساوي في بداياته، خمسينيات القرن الماضي، كعازف كمان، وكان من أبرز مطوّعي المقطوعات الموسيقية المكتوبة للبيانو إلى آلته، خصوصاً أعمال بيتهوفن.

في سنواته الأخيرة، ومع تقلّص ظهوره في الحفلات الكبرى، أصبح ظهوره أكثر في دور المرجع التاريخي للموسيقى، حيث أنه من القلائل الذين يقدّمون تصوّراً حول كيفية اشتغال كبار الموسيقيين مثل موتسارت وشوبرت وبرامز على أعمالهم مفسّراً خياراتهم الفنية على ضوء سيرهم والأدوات الموسيقية التي يعتمدونها.

لعل هذا هو الجانب المنسي خلف ما يظهر من قائد الأوركسترا، إنها ملكة البحث في التاريخ والمخطوطات الموسيقية. على مستوى الكتابات، ينظر البعض أن هارنونكورت حاول وضع مشروع فكر موسيقي منعته مشاغله الفنية من الذهاب به بعيداً، حيث أنه طبّق نتائج الفلسفة التواصلية والعلوم اللسانية الحديثة على الموسيقى وهو ما ظهر في أعمال مثل "الخطاب الموسيقي" و"الحوار الموسيقي" دون أن ننسى عمله الضخم في تحقيق الأعمال الكاملة لأسرة باخ (أكثر من عشرة أجيال) والتعليق عليها. 


اقرأ أيضاً: بيير بوليز: سقوط المطرقة من يد قائد الأوركسترا

المساهمون