عولج تاريخ الحروب الصليبية سينمائياً وفنياً أكثر من مرة، لكن لا شك في أن ما يقدّمه الفنان المصري وائل شوقي في "كاباريه الحروب الصليبية" هو طرح جديد إن كان على صعيد الأسلوب أو النص.
الفيلم في نسخته الثالثة يأتي بعنوان "أسرار كربلاء" ويتناول الحقبة من سنة 1147 إلى 1204. وسيتاح عرضه في بيروت يوم 28 آب/ أغسطس الحالي في غاليري "صفير زملر" بعد أن قُدّم في نيويورك والدوحة.
الجديد في "أسرار كربلاء" على صعيد الأسلوب اعتماده على حشد من الدمى يصل إلى 130 دمية. وقد كتب شوقي السيناريو والحوار للفيلم، بعد أن استمر خمسة أعوام يقرأ في كتب التاريخ العربية، فالأمر لا يحتمل أي أخطاء تاريخية.
استعان الفنان بكتاب "الحروب الصليبية كما رآها العرب" لأمين معلوف، إضافة إلى كتب التأريخ للحروب الصليبية التي وضعها أسامة بن منقذ وابن القلانسي وابن جبير.
عن المشروع يقول شوقي في حديث إلى "العربي الجديد": "نريد أن نكتب تاريخنا، أو أن نقرأه فهو لم يُكشف عنه بما يكفي". بدأ شوقي المشروع في 2010، أي أن لا علاقة له فعلياً بأحداث الانتفاضات العربية، لكن تقاربه منها جعله ينتبه إلى أحداث كثيرة تتقاطع مع الحاضر. فالحرب الصليبية التي بدأت دينية الطابع تحوّلت إلى اقتصادية تماماً ودخلتها خيانات عربية كبيرة أطالت أمد الصراع.
لكن لماذا "كاباريه"؟ يوضّح شوقي "إن كلمة كاباريه كانت تعني اجتماع الناس للتحدث في السياسة، وليس المعنى الذي يتبادر للأذهان من أماكن السهر والرقص". لكن الفنان ربط بين السياسة واللهو والفكرة "السيركية" للصراعات السياسية التي تتضمّن قدراً كبيراً من التلاعبات.
انطلق شوقي في مشروعه من عشقه للتاريخ وتداخل ذلك العشق بالأدب والكتابة، والنصوص الدينية والتاريخية وعلاقتها بالمخيلة، ثم كيف يمكن نسج كل هذه المعطيات في عمل فني يصلح لتأمل التاريخ، وللتسلية والترفيه أيضاً.
هذا التشابك بين الأدب والفن ظهر في عمله السينمائي "مربع الأسفلت" الذي قدّمه قبل 12 عاماً واستند فيه على رواية "مدن الملح" لعبد الرحمن منيف.
رغم عمله التوثيقي الضخم، يرى شوقي صعوبة الوثوق بالروايات التاريخية، فالمؤرخون كانوا رجال بلاط وسياسة في ذلك الوقت، وهم أقرب إلى ناطقين باسم الحكام، لذلك فقد يكون في رواياتهم الكثير من الـ "بروباغندا".