يا أمجد ناصر لا تبتعد. أقتبسُ من كتابيَ الأول يا يحيى وأناديك. خذه بقوتكَ وضعفي. ما أعجبك فيه وما لم يعجبك، وما أشدت به ونَوَّهت لأجلهِ في مسابقة الكاتب الشاب قبل سبع سنوات.
"سَفَرٌ يُنصت للعائلة" كان اسمه. وها أنذا أنصت لعائلتك الصامتة في سفركَ الكليم. قل لي: كيف أقرأه الآن؟ أنت المُحكّم والشاعر الفذّ والامتحان.
قبل سفره إلى برلين التقيت بـ غسّان زقطان في مقهى الانشراح، وقد سألته عنك وعن صحّتك. أجابني ونظرته يجلّلها التخوّف والتأسّي كما لو أنه لا يستعد لوداعك. قال إنك متعَب جدّاً يا رفيقه القوي. إذ لا ترد على مكالماته. لقد ابتعدتَ وأغلقت وسائل الاتصال وأوغلت في غيابك ومرضك.
التوابيتُ حدقةُ الغيب السفلى، والماءُ فكرة الشهداء بعد اندلاع النهر. إذ تُحدق إلينا، اليوم، من وراء اندلاعهِ جامعاً الضفّتَين وحدةً واتصّالاً؛ بالولادة والحكاية والرسالة والقصيدة.
لا تنس حليب أمّكَ في الرضاعةِ والضراعةِ والحُبّ. لا تجلس على مقعد القشّ قد يحترق.
فلّاحوكَ... فلّاحون من جانب التلّ، والتَلُّ ينقصُ شِبراً وينأى.
وداعاً مؤقّتة لبقاءٍ دائم يا "راعيَ العُزلة" في "مُرتقى أنفاسكَ" العالية.