إسماعيل خليل .. المسرحي العراقي يرحل في منفاه

17 مايو 2018
(إسماعيل خليل)
+ الخط -

رحل فجر أمس، الفنان المسرحي العراقي إسماعيل خليل أمين (1948-2018) في إحدى مستشفيات برلين بعد معاناة امتدت طويلاً مع المرض.

ينتمي أمين إلى المتمردين على الشكل المسرحي المألوف في بغداد السبعينيات، راغباً في تغيير عناصر المسرح من تأليف وإخراج وتمثيل ومعالجة، مثله مثل كثير من مسرحيي جيله ومن بينهم جواد الأسدي، وصلاح القصب، وعوني كرومي، وفاضل خليل، وفاضل سوداني، وعلي ماجد، وعبد المطلب السنيد، وهادي الخزاعي، وعقيل مهدي، وعزيز خيون، وحسن عبد، ومحمد زهير حسام، وكاظم الخالدي.

كانت بدايات أمين طفلاً في برنامج إذاعي بعنوان "جنة الأطفال" للمربي عمو زكي. التحق عام 1967 بـ "فرقة الصداقة" التابعة للمركز الثقافي السوفييتي فمثّل فيها قبل أن يلتحق بـ "أكاديمية الفنون الجميلة" في بغداد لدراسة المسرح.

اختير أمين ممثلاً في مسرحية "النخلة والجيران" و"تموزع يقرع الناقوس" لفرقة المسرح الفني الحديث، واستمر معها، كما ساهم مع فرق أخرى من بينها: فرقة "المسرح الشعبي"، وفرقة "المسرح الحر"، وفرقة "مسرح اليوم"، وفرقة "اتحاد الفنانين"، وفرقة "14 تموز"، وقدم شخصيات مختلفة من بينها أدواراً رئيسية "في انتظار غودو"، و"عطيل"، و"ماكبث".

تنقّل أمين بين سورية، وبيروت، واليمن، وبلغاريا، إلى أن استقر في ألمانيا، التي أسّس فيها أول مهرجان للمسرح العراقي في المنفى عام 2001، بمشاركة صديقيه صالح كاظم وبكر رشيد، وفي ألمانيا أيضاً أصدر كتاباً بعنوان "المسرح المغيب.. شاهد على العصر" مع لطيف الحبيب.

في مقابلة سابقة معه، قال أمين عن تجربته في ألمانيا: "كنا نطمح أن نثبت لأنفسنا، بأننا فاعلون هنا في المنافي وبإمكاننا أن نوصل صوتنا إلى الوطن ونتواصل مع بغداد وفنانيها. لكن التواصل مع بغداد وثقافة الداخل كان شبه مستحيل إن لم أقل معدوماً، رغم ذلك كان يحدوني أمل في نقل تجربة الحداثة من المسرح العراقي لمنفاي، عزاءاً أو بديلاً عن لوعة الفراق".

لم يكن أمين مساهماً في المسرح العراقي وحسب، لكنه انتقل إلى اليمن في منتصف الثمانينيات للمساهمة في تطوير المسرح في اليمن الجنوبي، وينقل إليها تجربة شباب السبعينيات التي بدأت في بغداد، وأرسلته الحكومة اليمنية عام 1987، إلى بلغاريا في دورة تدريبية ليتخصّص في الإخراج، عاد بعد الانتهاء منها إلى اليمن وأسّس فيها المسرح الحديث وفرقة "مسرح أكتوبر" في عدن، وفيها قدم المخرج العراقي مسرحيتين بفنانين يمنيين لنصين للكاتب السوري سعد الله ونوس هما "الملك هو الملك" و"الفيل يا ملك الزمان"، إلى جانب مسرحيات أخرى من بينها "عبيدو والصراط" لتوفيق إخلاصي، و"الشهداء السبعة" لهادي الخزاعي، و"حصار بيروت" لشاكر لعيبي، و"أبو حيان التوحيدي" لقاسم محمد، و"العودة المفاجئة" لمارتن أسلن، كل هذا قبل أن يسافر عام 1996 إلى برلين.

يقول عنه فاضل خليل في مقال له نشر عام 2015، وعن جيله، إن رحلة سنوات المسرحيين الشباب في بغداد كانت "مصحوبة بالجوع المزمن أو التخمة بالوجبات الخالية من الفيتامينات بها أو بسببها شلّ العديد من مبدعينا ممن لا تعتني بهم الدولة ولا الأيام، دفع الكثيرون منهم ثمنها بأمراض مزمنة أو ما يقابلها من الهموم. هي التي أقعدت إسماعيل خليل، الذي أصبح يشكو من أمراض عملاقة، أقعدته، وأبعدته عن الإبداع، بعيداً عن الوطن الذي لا يعتني بمبدعيه، لكن المنفى احتضنه مواطناً من الدرجة الأولى وعالجه بأرقى المستشفيات".

دلالات
المساهمون