لبنانية في الثامنة عشرة

23 نوفمبر 2015
هل تكون الحياة أمامها (Getty)
+ الخط -
الصغيرة باتت في الثامنة عشرة من عمرها. أطفأت شموع عيدها للتوّ. هي مرحلة جديدة إذاً.

عليها أن تنهي عامها المدرسي الأخير، وتختار اختصاصاً جامعياً يلائم طموحاتها ويناسب توجهاتها. خلال هذه الفترة قد تحبّ شخصاً ما. وقد تختار من ستتزوج لاحقاً وتبني حياتها معه. من بعد تخرّجها قد تجد نفسها في وظيفة لطالما حلمت بها تناسب اختصاصها وتؤمّن لها تأدية دورها في الدورة الاقتصادية الكاملة للبلاد.

قبل كلّ ذلك، بات من حقها اليوم أن تنتخب. ليس هذا صحيحاً، ففي لبنان لا انتخاب لمن يقلّ عمرهم عن واحد وعشرين عاماً. لكنّ هذا لن يؤثر كثيراً، فـ"ظلم في السوية" يجري اليوم، مع تمديد المجلس النيابي لنفسه أكثر من مرة، وغموض يكتنف تنظيم الانتخابات البلدية العام المقبل. كلّ الأعمار لا تنتخب. قد تجد نفسها بعد ثلاث سنوات حتى، ما زالت تعيش التمديد نفسه.

طيّب، لكن يحق لها أن تستخرج إجازة سوق دراجة نارية أو سيارة. الاحتمال الأول ضعيف جداً، فحتى لو وصلت إليه، هل ستتمكن من قيادة دراجتها وسط غابة الشوارع اللبنانية التي تزدحم التابوهات في رؤوس أبنائها أكثر مما تزدحم السيارات فيها؟ صعب للغاية. الاحتمال الثاني قائم لكنّه مرتبط أكثر بوظيفة ستحصل عليها بعد تخرجها ربما. وستسعى من بعدها لمزاحمة غيرها في شوارع غير منظمة لا تعرف منها السلطات أكثر من جمع المخالفات وفق قوانين سير قديمة، أو متجددة بهيئة غرامات.

يمكنها أن تستعجل كلّ ذلك بالتقدم إلى وظيفة ما في سلك المؤسسات الرسمية، مدنية وعسكرية. فهذا الأمر، للغرابة، لا يتطلب الوصول إلى الحادية والعشرين شأن حق الانتخاب. لكن، هل ستتمكن من نيل هذه الوظيفة فعلاً؟ الاحتمالات تسير عكس ذلك، فقد سبقها شقيقاها الأكبر ولم يتمكنا. الأمر يحتاج إلى "واسطة"... وأكثر مما يدخل في عالم الرشوة والفساد. ماذا لو تأمّن لها ذلك؟ هي محجبة ومن أصعب الأمور إدخال محجبة إلى تلك الوظائف خصوصاً العسكرية. لاحقاً، ماذا عن مجال الإعلام المرئي مثلاً؟ هو أصعب أيضاً، فلولا محطتان حزبيتان لما تمكنت محجبة واحدة من العمل مراسلة أو مقدمة. الأمر نفسه ينسحب على معظم الشركات الكبرى في البلاد، خصوصاً في القطاعين السياحي والخدماتي. حصة المرأة أساساً في هذه المجالات غير متساوية مع الرجل، فما بالك بمحجبة!

يصادف يوم غد "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة". المرأة اللبنانية تتعرض لكثير من العنف والقمع والحدّ من الحرية. هي واحدة منهن اليوم، فقد باتت في الثامنة عشرة. يتمنى لها الجميع تحقيق أمنياتها. لكنّهم، في غفلة منها، يحددون مستقبلها ومصيرها سلفاً.

إقرأ أيضاً: ممَّ يخاف الغرب؟
المساهمون