"العمرة" طريقة فلسطينية لعلاج متعاطي المخدرات

19 يناير 2015
منسك العمرة علاج للمدمنين (العربي الجديد)
+ الخط -

للأراضي الفلسطينية خصوصية تامة في قضية تعاطي المخدرات، لا سيما في ظل وجود احتلال يسهل ترويجها بفعل إجراءاته وتدميره للنسيج الاجتماعي في الضفة والقدس، إضافة إلى الفوضى وغياب السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية عن غالبية القرى والبلدات بفعل اتفاقية "أوسلو"، الأمر الذي يدفع محاربي المخدرات إلى ابتكار طرق لإنقاذ الشباب منها، وردع المقبلين عليها.

"رحلة العمرة" هي أحد الابتكارات الفلسطينية الخالصة التي تأتي كحملة في سياق التدخل العلاجي طويل الأمد، وجزئية من الخطة العامة لمؤسسة "المقدسي لتنمية المجتمع" في القدس المحتلة، وتهدف إلى تجميع أكبر عدد من متعاطي المخدرات المتعافين من خلال اصطحابهم في رحلة عمرة إلى السعودية من أجل تعزيز ضمان نظافتهم وتعافيهم من تعاطي المخدرات عن طريق الرادع الديني والتقرب من الله.

ويقول الأخصائي الاجتماعي ناصر حمامرة أحد القائمين على الحملة لـ"العربي الجديد"، إن رحلة العمرة تهدف إلى استثمار التوجه الديني، وزيادة الوازع الديني لدى مدمني المخدرات المتعافين، إضافة إلى تشكيل وتعزيز الرقابة الداخلية لكل شخص فيهم، عن طريق أداء مناسك العمرة لضمان فعالية علاجه بشكل نهائي.

وأوضح أن هذه الحملة تضم 43 شخصاً من مدمني المخدرات المتعافين بأعمار مختلفة، وسنوات تعافٍ متفاوتة تم تجميعهم من مختلف الأراضي الفلسطينية، من أجل الخروج بقصة نجاح يمكنها أن تكون نموذجاً مهماً يلقي بظلاله على المجتمع الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذه الحملة هي الأولى في الوطن العربي، والتي تأتي ضمن إطار الخطة العلاجية بعيداً عن الرحلات الفردية التي كانت تنظم بشكل شخصي.

وسيضاف إلى أداء مناسك العمرة، عقد لقاءات جماعية مع المؤسسات ذات العلاقة في السعودية، كذلك جلسات فردية مع البعض منهم، إلى جانب تبادل الخبرات والتجارب الشخصية وقصص العلاج لكل مدمن متعافٍ منهم، حيث تترواح أعمارهم ما بين (20 ـ 65) عاماً، وبحسب حمامرة سيتم من خلال تلك اللقاءات استثمار قصة النجاح لكل شخص منهم.

ويعتبر الوصول إلى هذه المرحلة من العلاج، عن طريق مجموعة من العوامل والخطوات الاجرائية، بعيداً عن الأطر النظرية من خلال مرور المتعاطين بسلسة خطوات علاجية للتعافي، بمثابة قفزة نوعية وجولة تحتسب على الصعيد العربي، يقول حمامرة، مضيفاً أنه سيتم قياس مدى تأثير هذه الرحلة على سلوكيات المدمنين ومستوى تواصلهم مع بعضهم البعض، إلى جانب مستوى نظافتهم من عملية التعاطي، ومؤثرات ما بعد الرحلة على عائلاتهم ومحيطهم وبيئتهم الاجتماعية، من أجل العمل على تعميم هذه الفكرة ونقلها لدى الأوساط الإجرائية والعملية على مستوى القرار الفلسطيني والوزارات والمؤسسات، سواء كانت رسمية أم أهلية تعنى بذلك.

ولدى العاملين على الحملة خطة مستقبلية، تتطلب في المرحلة الأولى متابعة المدمنين المتعافين باستمرار، ثم العمل على سلسلة رحلات عمرة تندرج تحت إطار الخطة العلاجية، إضافة إلى الطموح بتنظيم رحلة "حج" مع المجموعة ولغيرها من المجموعات، من أجل التأكد من النظافة من الإدمان وتعزيزها لديهم، إضافة إلى طموح القائمين على الحملة بأن تكون نموذج التحدي والمواجهة للآخرين.

وللمدمنين المتعافين المشاركين في الرحلة ردة فعل إيجابية كبيرة، فقد عبّر غالبيتهم عن فرحتهم وسعادتهم في تلك الرحلة التي تقودهم إلى الله. ويقول أحد المدمنين والذي يبلغ من العمر (23) عاماً، فضل عدم ذكر اسمه وهو في طريقه إلى الديار الحجازية، لـ"العربي الجديد" إنه يشعر بالسعادة المفرطة كونه في طريقه إلى التقرب من الله، ونتيجة الاقتلاع النهائي بعد ثلاثة عشر عاماً من الإدمان وسبعة  شهور من رحلة العلاج والتعافي.