وأكد ناشطون ومواطنون فلسطينيون في بغداد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، تلقيهم إخطارا من المفوضية السامية بأنه سيتم وقف دفع بدلات إيجار السكن، وأن عليهم مراجعة مسؤول الملف الخاص بفلسطينيي العراق لدى المفوضيّة الأممية لشؤون اللاجئين علي البغدادي للاستفسار عن الموضوع.
وفي وقت سابق، أعلن اللاجئون الفلسطينيون في العراق عن نيتهم تنفيذ خطوات احتجاجية ضد المفوضية السامية، "لعدم استجابتها لمطالبهم المشروعة، التي يتمتع بها كل اللاجئين في العالم من إعادة توطين ومساعدات مادية وغذائية شهرية لحين إيجاد مكان آمن لهم"، ويتهم اللاجئون المفوضية السامية بعدم الاستجابة لتحقيق أي من تلك الامتيازات لهم "والتي يتمتع بها مئات الآلاف من اللاجئين في الخارج وبسخاء واضح".
وقال لاجئون فلسطينيون لـ"العربي الجديد"، إن "الإخطار الذي وجهته المفوضية السامية للفلسطينيين الذين يسكن معظمهم في بغداد، أدخل الأسر في حالة من الذعر والقلق، لا سيما أن الفلسطينيين في العراق يعانون من استهتار المنظمات الدولية والحقوقية بملفهم"، مبينين أن "الحكومات العراقية التي توالت على الحكم بعد عام 2003 وإلى الآن، تضيق الخناق عليهم وتمنع عنهم البطاقة التموينية التي تساعد على توفير مواد غذائية، كما أنها تمنع عنهم حق العمل".
ويعني قرار الأمم المتحدة إلغاء البرنامج الذي جرى تنفيذه عام 2005 من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العراق للفلسطينيين بعد طردهم من منازلهم من قبل أصحاب الأملاك بسبب الأجور البسيطة التي كانت تدفعها الحكومة العراقية زمن الرئيس صدام حسين لأصحابها.
وفي السياق، قال السفير الفلسطيني لدى العراق أحمد عقل، إن "السفارة تواصلت مع مكاتب الأمم المتحدة، في سبيل الحصول على أسماء العوائل التي توقف عنها دفع بدل الإيجار، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا القرار، ونحن بانتظار برقية رسمية من المفوضية السامية لشرح قرارها المفاجئ وغير المتوقع بالنسبة لنا"ّ.
مبيناً في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأمم المتحدة كانت قد تحدثت في وقت سابق عن تدهور في أوضاعها المالية، وأن بعض المشمولين ببرنامج دفع بدل الإيجار من الفلسطينيين هم ميسورو الحال وليسوا بحاجة إلى هذا البرنامج".
وتابع عقل أن "أكثر من 100 عائلة ستتضرر من توقف برنامج الأمم المتحدة، من أصل 253 عائلة في العراق"، مؤكداً أن "بقاء الأمم المتحدة وإصرارها على وقف دفع بدل الإيجار على الفلسطينيين، سيُجبرنا على العودة للحديث مع الحكومة الفلسطينية، لحل هذه الأزمة".
لكن ناشطين يؤكدون أن عدد من سيتضرر من القرار يتجاوز الـ300 عائلة جميعهم بحالة مادية صعبة للغاية.
الصحافي العراقي المتخصص في شؤون اللاجئين في العراق، كرار فيصل، أشار إلى أن "عام 2003، شهد بداية تخلي العراق عن الفلسطينيين والقضية الفلسطينية عموماً من قبل بغداد، وتعرض اللاجئون الفلسطينيون إلى حملات اغتيالات وترهيب واعتداءات واتهامات بأنهم يوالون نظام حزب البعث الحاكم سابقاً، وما زالوا يتعرضون لاضطهاد وتنكيل كبيرين".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "التهديدات الأمنية تراجعت كثيراً على الفلسطينيين وذلك بفضل الصداقة بين المليشيات والفصائل المسلحة الطائفية مع الحكومة في فلسطين، كما أن هذه المليشيات توجهت إلى تصفية المعارضين لإيران من السياسيين والصحافيين".
ولفت إلى أن "ما يؤذي الفلسطينيين حالياً في العراق، هو الوضع الاقتصادي المتردّي، والسياسات العراقية التي تمنع تحركهم بحرية نحو مجال التجارة والعمل والتوظيف". وأوضح أن "القرار الأخير للأمم المتحدة، مثّل تخلياً كبيراً عن اللاجئين الفلسطينيين، كما أنّه سيُهدد عشرات العوائل بمستقبل مجهول وبالضياع".
وكانت الحكومة العراقية قد قضت في وقتٍ سابق، بحسب وثيقة مصدقة من قبل الرئيس العراقي فؤاد معصوم، بتجريد الفلسطينيين المقيمين في العراق من كافة الحقوق والامتيازات الممنوحة لهم منذ عام 1948 ولغاية تاريخ المصادقة على القرار.
مع العلم أن القرارات السابقة التي أصدرها صدام حسين، أي قبل عام 2003، نصت على أن تتم معاملة الفلسطيني كالعراقي في جميع الامتيازات وحقوق المواطنة باستثناء حصوله على الجنسية العراقية، بما في ذلك منحه الحق في التوظيف والعمل في دوائر ومؤسسات الدولة.
ويضاف إلى ذلك منحه حق التعليم والصحة والعمل والتقاعد والبطاقة الغذائية الشهرية والسكن المجاني والإعفاء الضريبي. كما تتضمن الامتيازات إصدار وثائق سفر تمكنه من السفر خارج العراق وإلزام السفارات العراقية خارج البلاد بمعاملته حال مراجعته لها كمواطن عراقي، فضلاً عن حق الاقتراض والمعاملات البنكية المختلفة وأي امتيازات أخرى.
وتراجع عدد الفلسطينيين في العراق بعد الاحتلال الأميركي بشكل كبير عقب سلسلة استهدافات مبرمجة من قبل القوات الأميركية، أسفرت عن مقتل وجرح واعتقال العشرات منهم، تبعتها حملة قتل منظمة وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006 نفذتها مليشيات مسلحة مقربة من إيران، أبرزها جيش المهدي ومليشيا بدر ومليشيا العصائب.
وتتحدر غالبية الفلسطينيين في العراق من قرى إجزم وجبع وعين غزال بمدينة حيفا المحتلة، بالإضافة إلى مئات العائلات الأخرى من يافا ونابلس والقدس وحيفا، حيث حطوا رحالهم في بغداد والبصرة والموصل، وقبلها في الفلوجة التي تعتبر أولى محطاتهم، آتين من الأردن عام 1948.