يبقى اليوم الدراسي الأول راسخاً في أذهان كثيرين. وإن كان تذكّر التفاصيل صعب بسبب أعمار الأطفال الصغيرة، إلا أن الأهل قادرون على رسم صورة واضحة عن ذلك اليوم. تقول علياء بن زهرة لـ"العربي الجديد"، إنها ما زالت ترى نفسها طفلة، وتحنّ إلى مدرستها الأولى، وتتذكر كيف حققت أحلامها ونجحت في دخول كلية الطب بعد نيل شهادة البكالوريا بمعدّل جيد. واليوم، باتت طبيبة تعالج المرضى وأماً تهتمّ بتفاصيل أبنائها وتسعى إلى توثيق ذكرياتهم.
ما زالت علياء تحنّ لأيام قضتها في مدرستها الأولى، وهي مدرسة الشيخ مبارك الميلي في وسط مدينة ميلة، شرق العاصمة الجزائرية. تقول الطبيبة المتخصصة في جراحة العظام إنّها تزور مدرستها الأولى كلّما سمحت لها الفرصة، علماً أنها انتقلت بعد زواجها إلى مدينة أخرى.
تتذكّر علياء سنواتها الدراسية وتحافظ على كتبها وأوراق امتحاناتها، وكأن هناك رابطاً روحياً مع هذه التفاصيل. تقول إنها لطالما كانت الفتاة المدللة في البيت. وتتحدّث عن يومها الدراسي الأول في السادس من سبتمبر/ أيلول عام 1982. يومها، ارتدت فستاناً أحمر ومئزراً وردياً مطرزاً بورود بيضاء، وقد كتب اسمها عليه. كما حملت محفظة متوسطة الحجم. تقول إنها لم تنم تلك الليلة التي سبقت اليوم الدراسي الأول، مشيرة إلى أنها بقيت تتفقد ساعة معلّقة على الجدار. "فرحتي في الدخول إلى المدرسة كانت كبيرة. كنت أغار من إخوتي الذين يذهبون إلى المدرسة وينهمكون في حل الواجبات المدرسية بعد الظهر". تُضيف: "نهضت يومها بسرعة لارتداء ملابسي وتناول الحليب. ثم أمسكت بيد والدي الذي أخذني إلى المدرسة".
لم تكن مقاعد الدراسة والتعليم كما تصورتها الطفلة الصغيرة علياء. تتذكر كيف أنها صدمت لدى جلوسها في الصف ما قبل الأخير، هي التي كانت تحلم بالجلوس في الصف الأول. وتشير إلى أنه بعد ثلاثة أيام، أقنعت زميلتها بتبديل الأمكنة، وحُلّت أزمتها. تحكي هذه القصة وتضحك، وإن كان طموحها لم يتغيّر. واليوم، باتت طبيبة.
اقــرأ أيضاً
صور بالأسود والأبيض
ليس غريباً أن يحتفظ كثيرون بتفاصيل تخصّ يومهم المدرسي الأول. ولا ينحصر الأمر في هذا اليوم، بل إن الذكريات تستمرّ في التشكل في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. يقول البعض إن هذه السنوات كانت البداية لتحقيق طموحاتهم. بالنسبة لأمينة لشهب، شكلت هذه السنوات لحظات لا تُنسى. ما زالت تحتفظ بصورها في المدرسة. تذكر أنه في نهاية السبعينيات، كان التقاط الصور إجبارياً في اليوم الدراسي الأول من كل عام. وتشير إلى أنها ما زالت تحتفظ أيضاً برسائل أصدقائها في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
بكاء وانتظار
يقول البعض إن غالبية الأطفال يبكون في يومهم الأول في المدرسة، ويخشون المدرسين. عبد المنعم حاجي (36 عاماً)، هو أحد هؤلاء. يوضح لـ"العربي الجديد"، أنه بكى كثيراً خلال أول يوم له في المدرسة. في ذلك اليوم، أخبرته والدته بأنه لن يشاهد الرسوم المتحركة لأن الحلقة تُبثّ خلال وجوده في المدرسة. ولم يتوقف عن البكاء في اليوم التالي، بل بكى طيلة أسبوعين كاملين، إلى أن بات لديه أصدقاء.
غالباً ما يرافق الأهل أبناءهم إلى المدرسة في اليوم الأول. إلا أن مليكة سعيد (23 عاماً)، تقول لـ"العربي الجديد"، إن جدّها لأبيها هو الذي أوصلها إلى المدرسة، لافتة إلى أنه كان أسعد يوم في حياتها. وتذكر أن جدّها كان فرحاً جداً لمرافقتها، وقد قصّ عليها قصصاً كثيرة. كان جدّها صياداً ماهراً، إلا أنه لم يعد قادراً على الذهاب إلى البحر إلا نادراً. "صرت أنا سلواه، وكان يصطحبني إلى المدرسة ذهاباً وإياباً يومياً. بات رفيقي الدائم".
عادات
في الجزائر، تتمسك العائلات ببعض العادات في اليوم الدراسي الأول. تقول مسيكة لعراجي لـ"العربي الجديد": "تعطي بعض الأمهات الأطفال حبة سكّر نبات ليبدأوا يوماً جميلاً". تضيف أن الكثير من الأمهات يطهين بعض المأكولات التقليدية مثل "الخفاف" و"التريدة في الطاجين" و"المشوشة" و"البغرير"، التي يضاف إليها العسل، علماً أنها مكونة من السميد والملح والزبدة أو الزيت والماء، معتبرين أنها "فأل حسن" في اليوم الدراسي، وتساهم في تقوية علاقة الطفل بالمدرسة. في المقابل، يرى البعض أن هذه العادات عبارة عن احتفال بأول يوم دراسي للأبناء، في إشارة إلى أهمية إدخال السرور إلى قلوبهم وقلوب عائلاتهم والجيران أيضاً.
ولأن اليوم الأول قد يكون مصحوباً بالقلق بالنسبة للكثير من التلاميذ، يشدد أستاذ اللغة العربية مصطفى بن عامر على أهمية تشجيع الأطفال من خلال حضور الأهل معهم وتوزيع الحلوى عليهم حتى يفرحوا. كما يلفت إلى أهمية تشجيع الطاقم التعليمي من أساتذة ومسؤولين في المدارس للاهتمام بالأطفال الذين يدخلون المدرسة لأول مرة. "يجب أن يكون الجميع سنداً لهم في هذه الرحلة".
وعلى الرغم من مرور السنوات، يبقى هذا اليوم عالقاً في أذهان كثيرين، ويستعيدونه من خلال أهلهم والصور التي يحتفظون بها. كما يتذكرون أحلامهم، سواء تلك التي نجحوا في تحقيقها أو لم ينجحوا، وزملاء لهم عاشوا وإياهم سنوات طويلة وشكلوا معاً الكثير من الذكريات.
ما زالت علياء تحنّ لأيام قضتها في مدرستها الأولى، وهي مدرسة الشيخ مبارك الميلي في وسط مدينة ميلة، شرق العاصمة الجزائرية. تقول الطبيبة المتخصصة في جراحة العظام إنّها تزور مدرستها الأولى كلّما سمحت لها الفرصة، علماً أنها انتقلت بعد زواجها إلى مدينة أخرى.
تتذكّر علياء سنواتها الدراسية وتحافظ على كتبها وأوراق امتحاناتها، وكأن هناك رابطاً روحياً مع هذه التفاصيل. تقول إنها لطالما كانت الفتاة المدللة في البيت. وتتحدّث عن يومها الدراسي الأول في السادس من سبتمبر/ أيلول عام 1982. يومها، ارتدت فستاناً أحمر ومئزراً وردياً مطرزاً بورود بيضاء، وقد كتب اسمها عليه. كما حملت محفظة متوسطة الحجم. تقول إنها لم تنم تلك الليلة التي سبقت اليوم الدراسي الأول، مشيرة إلى أنها بقيت تتفقد ساعة معلّقة على الجدار. "فرحتي في الدخول إلى المدرسة كانت كبيرة. كنت أغار من إخوتي الذين يذهبون إلى المدرسة وينهمكون في حل الواجبات المدرسية بعد الظهر". تُضيف: "نهضت يومها بسرعة لارتداء ملابسي وتناول الحليب. ثم أمسكت بيد والدي الذي أخذني إلى المدرسة".
لم تكن مقاعد الدراسة والتعليم كما تصورتها الطفلة الصغيرة علياء. تتذكر كيف أنها صدمت لدى جلوسها في الصف ما قبل الأخير، هي التي كانت تحلم بالجلوس في الصف الأول. وتشير إلى أنه بعد ثلاثة أيام، أقنعت زميلتها بتبديل الأمكنة، وحُلّت أزمتها. تحكي هذه القصة وتضحك، وإن كان طموحها لم يتغيّر. واليوم، باتت طبيبة.
صور بالأسود والأبيض
ليس غريباً أن يحتفظ كثيرون بتفاصيل تخصّ يومهم المدرسي الأول. ولا ينحصر الأمر في هذا اليوم، بل إن الذكريات تستمرّ في التشكل في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. يقول البعض إن هذه السنوات كانت البداية لتحقيق طموحاتهم. بالنسبة لأمينة لشهب، شكلت هذه السنوات لحظات لا تُنسى. ما زالت تحتفظ بصورها في المدرسة. تذكر أنه في نهاية السبعينيات، كان التقاط الصور إجبارياً في اليوم الدراسي الأول من كل عام. وتشير إلى أنها ما زالت تحتفظ أيضاً برسائل أصدقائها في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
بكاء وانتظار
يقول البعض إن غالبية الأطفال يبكون في يومهم الأول في المدرسة، ويخشون المدرسين. عبد المنعم حاجي (36 عاماً)، هو أحد هؤلاء. يوضح لـ"العربي الجديد"، أنه بكى كثيراً خلال أول يوم له في المدرسة. في ذلك اليوم، أخبرته والدته بأنه لن يشاهد الرسوم المتحركة لأن الحلقة تُبثّ خلال وجوده في المدرسة. ولم يتوقف عن البكاء في اليوم التالي، بل بكى طيلة أسبوعين كاملين، إلى أن بات لديه أصدقاء.
غالباً ما يرافق الأهل أبناءهم إلى المدرسة في اليوم الأول. إلا أن مليكة سعيد (23 عاماً)، تقول لـ"العربي الجديد"، إن جدّها لأبيها هو الذي أوصلها إلى المدرسة، لافتة إلى أنه كان أسعد يوم في حياتها. وتذكر أن جدّها كان فرحاً جداً لمرافقتها، وقد قصّ عليها قصصاً كثيرة. كان جدّها صياداً ماهراً، إلا أنه لم يعد قادراً على الذهاب إلى البحر إلا نادراً. "صرت أنا سلواه، وكان يصطحبني إلى المدرسة ذهاباً وإياباً يومياً. بات رفيقي الدائم".
عادات
في الجزائر، تتمسك العائلات ببعض العادات في اليوم الدراسي الأول. تقول مسيكة لعراجي لـ"العربي الجديد": "تعطي بعض الأمهات الأطفال حبة سكّر نبات ليبدأوا يوماً جميلاً". تضيف أن الكثير من الأمهات يطهين بعض المأكولات التقليدية مثل "الخفاف" و"التريدة في الطاجين" و"المشوشة" و"البغرير"، التي يضاف إليها العسل، علماً أنها مكونة من السميد والملح والزبدة أو الزيت والماء، معتبرين أنها "فأل حسن" في اليوم الدراسي، وتساهم في تقوية علاقة الطفل بالمدرسة. في المقابل، يرى البعض أن هذه العادات عبارة عن احتفال بأول يوم دراسي للأبناء، في إشارة إلى أهمية إدخال السرور إلى قلوبهم وقلوب عائلاتهم والجيران أيضاً.
ولأن اليوم الأول قد يكون مصحوباً بالقلق بالنسبة للكثير من التلاميذ، يشدد أستاذ اللغة العربية مصطفى بن عامر على أهمية تشجيع الأطفال من خلال حضور الأهل معهم وتوزيع الحلوى عليهم حتى يفرحوا. كما يلفت إلى أهمية تشجيع الطاقم التعليمي من أساتذة ومسؤولين في المدارس للاهتمام بالأطفال الذين يدخلون المدرسة لأول مرة. "يجب أن يكون الجميع سنداً لهم في هذه الرحلة".
وعلى الرغم من مرور السنوات، يبقى هذا اليوم عالقاً في أذهان كثيرين، ويستعيدونه من خلال أهلهم والصور التي يحتفظون بها. كما يتذكرون أحلامهم، سواء تلك التي نجحوا في تحقيقها أو لم ينجحوا، وزملاء لهم عاشوا وإياهم سنوات طويلة وشكلوا معاً الكثير من الذكريات.