سنة حلوة يا فساد

28 ديسمبر 2015
يقمعون من يجرؤ على المطالبة بحقوقه (فرانس برس)
+ الخط -
يدفع اللبنانيون الكثير مما يجنونه ثمناً لخدمات عديدة سيئة للغاية. بعضهم يدفع حتى مما لا يجنيه بسبب البطالة، فينتظر مساعدة مالية من قريب مسافر، فقط ليؤمّن الوصول السيئ لتلك الخدمات.

الجميع في لبنان يخبرك أنّ الدولة تمصّ دمه. التذكير الدائم أنّ الكهرباء مقننة بحسب مواقيت تختلف من منطقة إلى أخرى لازمة مكرّرة. لكنّ من يأتون إلى لبنان من الخارج يتنبهون إليها بغير ما نتعايش مع الوضع. يستفزهم ذلك، كما يستفزهم بطء الإنترنت أو انقطاع خطوطه من دون أيّ تفسير وتبرير. في موسم الأعياد يزداد الأمر سوءاً، فكأنّ خطوط الاتصالات تأخذ إجازة بدورها مع الموظفين المكلفين بتأمينها إلى الناس. الناس الذين يدفعون فواتير باهظة ثمناً لها.

مياه الشرب غير موجودة في البيوت أبداً. مياه الخدمة والاغتسال تنقطع عن كثير من البيوت. وفي أماكن أخرى تصل مالحة أو ملونة بالأصفر والأزرق. منها ما يحرق العينين والجلد ويسبب الحكاك. لا ينتبه أحد من المسؤولين لذلك، ولا تتأخر الفواتير بدورها.

المحروقات غالية الثمن أيضاً، بل وصل سعر صفيحة البنزين مرة إلى نحو 30 دولاراً أميركياً. تدنت شيئاً فشيئاً التزاماً بتدني السعر العالمي، لكنّ التهديدات متواصلة برفع السعر تبعاً لأمر غريب بدوره، هو تحميل المواطن اللبناني ثمن ترحيل النفايات إلى الخارج.

تلك النفايات التي تجمع وتتراكم في لبنان بعد إقفال مطمر وُجد قبل 20 عاماً عبر الفساد، وعاشت الشركة المشغلة له عبر الفساد، وأقفل عبر الفساد، وجرت المساومات على تلزيم شركات جديدة عبر الفساد أيضاً.

على هامش كلّ ذلك، وليس في قلبه أبداً، قمعت الأجهزة الأمنية الحراك الشعبي المطالب بحلّ أزمة النفايات. لم يستقل وزير مكلف بالملف، ولم تسقط حكومة أبداً. الحكومة تتعايش مع النفايات كأحسن ما يكون. لا همّ لها بقيت أم أزيلت. والزعماء، بما أنّهم عصب الحياة السياسية في لبنان، وليست الحكومة، راضون بمواقعهم يتعاركون بكثير من الدهاء على منصب رئيس جمهورية يريده الجميع في لحظة ولا أحد يريده في لحظة أخرى. بات المنصب نفسه مشبوهاً بعد نحو عامين من الفراغ. منصب لا يقدّم أو يؤخّر بدوره، شأنه شأن الحكومة التي تنتظر أوامر الزعماء ومن وراءهم من دول يكثر دعمها فترتفع قيمة من هم معها، ويقلّ دعمها فتحظى بنداءات استغاثة وصلوات استسقاء أموال.

ينتظر اللبنانيون. يعيشون يومهم. يرسلون أطفالهم إلى مدارس غالية عقيمة النتائج. ينتظر التلميذ تخرجه منها ليحظى بحلم الانضمام إلى السلك العسكري جندياً يقمع من يجرؤون يوماً على المطالبة بحقوقهم.

اقرأ أيضاً: عمال يُسرقون
المساهمون