حملة لإزالة المخاوف على حرية تنقّل الأوروبيين بعد "بريكست"

22 اغسطس 2019
رفضاً لبريكست (كيث ماهيو/ Getty)
+ الخط -

تتوالى الإجراءات الخاصة بعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا سيّما لجهة تسوية أوضاع مواطنين من الاتحاد سبق أن استقرّوا في المملكة المتحدة. لكنّ الإعلان عن وضع حدّ لحرية تنقّل هؤلاء يثير قلق البعض.

تسعى المملكة المتحدة إلى التحكّم في الهجرة قبيل "بريكست"، وقد أعلنت حكومتها أخيراً أنّها سوف تنهي العمل بقوانين حرية التنقّل التي تكفل لمواطني الاتحاد الأوروبي الإقامة والعمل على أراضيها في حال خروجها منه بدون اتفاق، في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. أمر أثار مخاوف كثيرين، مع خشية البعض من قضيّة "ويندروش" أخرى. وتلك القضية كانت قد أطاحت في العام الماضي بوزيرة الداخلية البريطانية آنذاك آمبر راد، على خلفيّة ترحيل مهاجرين "غير شرعيين" من دول البحر الكاريبي يُعرَفون باسم "جيل ويندروش". وكانت الحكومة البريطانية قد أطلقت في مارس/آذار الماضي، خطّة تسوية مسبقة من شأنها أن تحلّ محلّ برنامج الإقامة الدائمة للأوروبيين الذين يتوجّب عليهم بعد "بريكست" تقديم طلبات للإقامة على أراضي المملكة. وفي بيان أخير لها، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أنّه ما زال أمام مواطني الاتحاد الأوروبي وعائلاتهم مهلة حتى ديسمبر/كانون الأول من عام 2020 المقبل، على أقلّ تقدير، لتقديم طلباتهم في سياق خطة التسوية الخاصة بهم، علماً أنّ مليون شخص سُوّيَت أوضاعهم حتى الآن. والخطة تهدف إلى ضمان استمرار تمتّع مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة، وعددهم يزيد عن الملايين الثلاثة، بحقّ الإقامة والعمل والاستفادة من الخدمات العامة فيها بعد خروجها من الاتحاد.

وتتّجه المملكة المتحدة في سياق متصل إلى منع دخول المهاجرين أصحاب السوابق الإجرامية إليها، انطلاقاً من الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست"، وذلك بموجب قوانين إنهاء حرية التنقل. وقد تعهّدت وزارة الداخلية أخيراً بتطبيق قواعد أكثر صرامة في هذا الخصوص.




قبل أيام، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن توقيع وزير شؤون "بريكست"، ستيف باركلي، وثيقة إلغاء سريان قوانين الاتحاد الأوروبي في بلاده الصادرة في عام 1972، ما يعني الخروج من الاتحاد بنهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل. بالتزامن، أكدت وزارة الداخلية البريطانية في بيانها الأخير أنّ قوانين حرية التنقّل المعمول بها حالياً سوف تنتهي في اليوم الأوّل من تطبيق "بريكست"، في حال تمّ ذلك من دون أيّ اتفاق، على أن ترسي الحكومة البريطانية نظاماً جديداً للهجرة "أكثر عدالة"، فتكون الأولوية لما يملكه طالبو الهجرة من مهارات وما يمكن أن يساهموا به في المملكة المتحدة وليس للمكان الذي يأتون منه.

وقد نقلت وسائل إعلام قلق مصادر مطّلعة على بيان الداخلية من أن يكون تطبيق خطة الهجرة المؤقّتة (خطة التسوية المسبقة) مستحيلاً، لأنّ التمييز ما بين الوافدين الجدد إلى البلاد وبين أولئك الموجودين فيها سيكون صعباً. ولفتت تلك المصادر إلى "مخاطر"، إذ إنّ الخطة معقّدة وثمّة "مخاوف مشروعة من فضيحة ويندروش أخرى". ورأت أنّه لا بدّ من الحفاظ على قوانين حرية التنقّل حتى يجهز قانون الهجرة الجديد في يناير/كانون الثاني من عام 2021.

هل ثمّة خطر حقيقي؟ حاولت "العربي الجديد" التواصل مع ديتزل بيثاني، من مكتب إعلام وزارة الداخلية البريطانية، فقالت إنّ "بعض المتداوَل في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول بيان الداخلية الأخير المتعلق بحرية التنقل وبخطة التسوية المسبقة، غير دقيق". وأوضحت أنّه "من غير الصحيح أن يصير مواطنو الاتحاد الأوروبي المقيمون في المملكة المتحدة في مأزق قانوني بمجرّد إنهاء العمل بقوانين حرية التنقّل بعد بريكست"، مشدّدة على أنّ "مواطني الاتحاد الأوروبي وعائلاتهم مدعوّون إلى البقاء هنا، ولا تغييرات حول الموعد النهائي للتقدّم بطلبات تسوية أوضاعهم، أي 31 ديسمبر/كانون الأول 2020 على أقل تقدير".

... وتأييداً للخروج من الاتحاد الأوروبي (ماثيو هوروود/ Getty)

تجدر الإشارة إلى أنّ البيان يقدّم إجابات عن أسئلة محورية حول حرية تنقّل مواطني الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، علماً أنّ تلك الحرية تنتهي في 31 أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل مع "بريكست". ويوضح البيان أنّ مواطني الاتحاد الأوروبي سوف يتمكّنون من التوجّه إلى المملكة المتحدة في رحلات قصيرة أو إجازات، وما سوف يتبدّل هو الترتيبات اللازمة للأشخاص الذين يقصدون المملكة المتحدة لفترات زمنية أطول، إمّا للعمل وإمّا للدراسة. ويؤكّد البيان أنّ تلك الإجراءات تتبدّل فوراً عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإدخال التحسينات اللازمة على قانون الهجرة الجديد.

ويتابع البيان أنّ خطة التسوية تسهّل على مواطني الاتحاد الأوروبي وأفراد عائلاتهم الذين يرغبون في البقاء في المملكة المتحدة الحصول على "وضع الهجرة" الذي يحتاجون إليه في البلاد، لافتاً إلى أنّه مجاني. كلّ ما يحتاجون إليه هو استكمال ثلاث خطوات: إثبات هويتهم، وإبراز وثائق تثبت أنّهم يعيشون في المملكة المتحدة، والإعلان عن أيّ إدانات جنائية. والطريقة الأسهل لإتمام ذلك تكون عبر الإنترنت، إلى جانب توفّر مجموعة واسعة من طرق الدعم المتاحة لمواطني الاتحاد الأوروبي وعائلاتهم عبر الهاتف والبريد الإلكتروني والمقابلات الشخصية وجهاً لوجه. وثمّة مركز مخصّص لكلّ ذلك، بالإضافة إلى أكثر من 300 موقع رقميّ يدعم من يفتقر إلى المهارات اللازمة لاستخدام الكمبيوتر. كذلك ثمّة شبكة مؤلفة من 57 منظمة مموّلة من وزارة الداخلية تهدف إلى مساعدة الأشخاص المستضعفين مثل المشرّدين وذوي الإعاقة وكبار السنّ على تسوية أوضاعهم.



ومن المسائل التي تثير القلق أكثر من سواها لدى مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا، أن يكون هؤلاء في خارج البلاد عندما ينتهي العمل بقوانين حرية التنقّل. لكن، على الرغم من ذلك، يبقى مواطنو الاتحاد الأوروبي وعائلاتهم مؤهّلين لخطة التسوية لأنّهم يعيشون في المملكة المتحدة أساساً. كذلك، لن يُمنَع أيّ شخص مؤهّل للعيش في بريطانيا من دخولها بعد إنهاء حرية التنقل. ويحرص بيان وزارة الداخلية على طمأنة القلقين، بالقول إنّ "مواطني الاتحاد الأوروبي هم أصدقاؤنا وجيراننا ونريد بقاءهم هنا"، مؤكداً أنّه "من المهم أن نتذكّر أنّنا نبحث عن أسباب لبقائهم وليس عن أسباب لرفضهم".