أطباء يعالجون النبات لمقاومة الجفاف في بوركينا فاسو

18 ابريل 2016
الجفاف يهلك المحاصيل (Getty)
+ الخط -
نفد صبر ديودوني سيدوجو، وهو ينتظر في طابور لاستشارة الطبيب، وسط درجة حرارة لافحة تبلغ 49 درجة مئوية بقريته تاميسي في بوركينا فاسو.

لكن الألم الذي يسعى إلى الشفاء منه اليوم ليس ألمه شخصياً، بل المرض الذي ألمّ بنبات الباذنجان، الذي كان يحمل بعض ثماره التالفة، بعد إصابته بذبول الأوراق واصفرارها.

ويعترف سيدوجو، الذي يزرع رقعته الزراعية ذاتها منذ 15 عاماً، قائلا: "أواجه نفس المشكلة كل عام خلال موسم الجفاف"، مشيراً إلى أن محصوله من الباذنجان يصير جافاً كل عام مثل البرقوق المجفف، ما يجعل معظم الناتج عديم الجدوى.

لكن اثنين من أطباء أمراض النبات، هما موريس ألبرت، وريهاناتا ساوادوجو، افتتحا عيادة قرب حقول الباذنجان في القرية. وتقوم الطبيبة ساوادوجو بفحص ثمار الباذنجان التالفة تحت المجهر، فيما ينهمك ألبرت بتدوين الملاحظات.

ويصدران الحكم: إنها حشرة من الآفات الزراعية يرجح أنها العثة العنكبوتية، وهي المسؤولة عن هلاك محصول سيدوجو، لكن هذه الآفة مقاومة للكثير من المبيدات الحشرية الكيميائية.


لكن الطبيبين يقدمان وصفة طبية: "إنه مبيد طبيعي للآفات صديق للبيئة يستخدم مرتين في الأسبوع حتى زوال المرض واختفاء الأعراض". وينصحان سيدوجو، بأن يزرع أنواعا مختلفة من المحاصيل في مناطق جديدة في كل موسم، وأن يقنع جيرانه بأن يحضروا عينات من محاصيلهم للاستشارة، قائلين إن العدوى قد تعاود الظهور لو لم يتبع هذه النصائح.

ويزاول الطبيبان، ألبرت وساوادوجو، هذه المهمة منذ عام وتتضمن جولات تفقدية في أسواق القرية وفي المنطقة، بعد أن تلقيا تدريباً في وزارة الزراعة في إطار برنامج لمواجهة الظروف المناخية القاسية والكوارث، الذي تتبناه وزارة التنمية الدولية في بريطانيا.

وقيام وزارة الزراعة في بوركينا فاسو بإصدار ترخيص للطبيبين لمزاولة تلك المهمة يمنحهما مصداقية لدى المزارعين، كما أنه مصدر فخر لهما، وهما يعملان في مجال التوسع في الرقعة الزراعية. ويستقبل الطبيبان، 20 مزارعاً في المتوسط يومياً، ويعاود معظم المزارعين الزيارة للاستشارة والمتابعة.

وقال ألبرت: "أرى نفسي طبيباً بالفعل، إذ أتولى تشخيص الأمراض كما أصف الدواء لعلاج النبات، ما يؤدي في النهاية إلى تحسين الأمن الغذائي للناس".

ويقول إريك ديركس، الذي يعمل مع منظمة "فيلتهونغرهلفي" الألمانية غير الحكومية، والتي يعني اسمها مساعدة الجوعى في العالم، وتساعد في إرساء منظومة طبيب أمراض النبات في إطار برنامج مواجهة الظروف المناخية القاسية والكوارث، إن البرنامج يكتسب شعبية.

وتابع "أمضت عيادات أمراض النبات فترة قبل أن تنهض على قدميها، لكننا بدأنا نجني الثمار، يشعر المزارعون الذين نتحدث إليهم بالتقدير لتوفر إسداء النصح ونقل الخبرة لهم على المستوى المحلي".

ويرى الخبراء أن تاميسي مثلها مثل بقية قرى بوركينا فاسو، تسعى جاهدة لمواجهة موجات الجفاف المتكررة والأطول في بلد يعتمد فيه أكثر من 80 في المائة من السكان على زراعة حد الكفاف، وهي مشكلة تحمل في طياتها الكثير توطئة لفترة يتضور فيها الناس جوعا، فيما تكثف الحكومة جهود مساعدة المجتمعات الريفية على مكافحة انعدام الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

وقال موريس تراوري، نائب وزير الإنتاج الزراعي في البلاد: "قد لا يكون بمقدورنا مكافحة الجفاف، لكن يمكننا أن نتأهب له".

وانتقد تراوري، حقيقة أن المعونات الدولية للبلاد غالباً ما تصل في أعقاب وقوع أي كارثة، بدلاً من أن تجيء على نحو طويل الأجل، يهدف إلى علاج المشاكل غير الظاهرة، مضيفاً "إن الأموال تساعدنا، لكن ما نحتاجه هو الناس والإمكانات، كي نحقق الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بالغذاء".

دلالات
المساهمون