49 وفاة نتيجة التعذيب بسجون العراق منذ بداية العام

09 اغسطس 2015
السلطات الأمنية تعلن المرض أو الانتحار كسبب للوفاة (Getty)
+ الخط -

لا يكاد يمر أسبوع واحد في العراق إلا ويعلن عن وفاة معتقل في أحد السجون الحكومية، بسبب فشل كلوي أو الإقدام على الانتحار، للتغطية على جرائم تعذيب للمعتقلين تفضي إلى الموت.

وتكتفي السلطات العراقية بإعلان مقتضب، تحاشيا لأبواب قد تطرقها منظمات دولية ومحلية تتهم الأجهزة الأمنية، التي تسيطر عليها في الغالب مليشيات الحشد الشعبي، بتعذيب المواطنين حتى الموت، بغية انتزاع اعترافات منهم أو تصفيتهم بشكل مباشر، خوفا من أن يقدم ذوو المعتقل رشوة للقضاء لإطلاق سراحه أو أن يبرئه القضاء بشكل تلقائي لعدم كفاية الأدلة.

وبحسب منظمة السلام العراقية لحقوق الإنسان، فإن 49 حالة وفاة حدثت داخل السجون العراقية، خلال هذا العام فقط، منها 32 حالة تتحدث عن أن سبب الوفاة هو فشل كلوي أو أزمة قلبية، و17 حالة أخرى تتحدث عن انتحار النزيل، بسبب ما تسميه عدم تحمله تأنيب الضمير على جرائمه التي ارتكبها.

ويقول مدير المنظمة، محمد علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحجج التي تسوقها الحكومة وأجهزتها الأمنية لا يمكن لعاقل أن يأخذ بها، فالحقيقة أن عمليات تعذيب بشعة تحدث للسجناء تفضي بهم إلى الوفاة داخل الزنازين".

ويضيف علي أن "فريق المنظمة عاين 12 جثة هذا العام، قالت الحكومة إنهم توفوا نتيجة مرض كالفشل الكلوي والأزمة القلبية، وبعد الاستعانة بأطباء تأكد أنهم قضوا نتيجة التعذيب بالصعق بالكهرباء، أو حقن مواد مسمومة لهم في الطعام، ولا صحة للحجج التي ساقتها أجهزة الشرطة حول سبب وفاتهم".


مؤكدا أن هناك اتفاقا بين أطباء في دائرة الطب العدلي، المسؤولة عن إصدار شهادات الوفاة، وإدارات السجون للتكتم على تلك الجرائم.

وأصدرت، اليوم الأحد، قيادة شرطة محافظة ذي قار بيانا قالت فيه إن قياديا في تنظيم داعش تم اعتقاله قبل 48 ساعة، انتحر بواسطة بطانية في السجن بعد ساعات من اعترافه بجرائم خطيرة ارتكبها.

اقرأ أيضا: عراقيون يتحدثون عن عمليات تعذيب شديدة في شرطة النجف

ويكاد هذا البيان أن يكون مشابها لبيانات أخرى تصدرها أجهزة الشرطة في محافظات وبلدات مختلفة من العراق.

وحول ذلك، كشف مسؤول في الشرطة العراقية، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الضحايا يتعرضون للتعذيب، بهدف انتزاع معلومات منهم، وفي حال أصروا على عدم التجاوب فإن مصيرهم سيكون القتل بطرق مختلفة".

ويضيف "هذه العمليات تنفذها المليشيات التي تسيطر على أجهزة الشرطة، ولا طاقة لضباط الشرطة في منعها، ونرى أنها لن تتوقف".
مبينا أن "الضحية الذي قضى اليوم في سجن الفجر بمدينة الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار، هو نازح فرّ من بطش داعش وتم اعتقاله وتعذيبه حتى الموت، وما أعلنه قائد الشرطة، اللواء حسن الزيدي، عارٍ عن الصحة، فالضحية لم ينتحر، إنما توفي جراء التعذيب، وبدت آثار التعذيب واضحة على جثته، حيث تم قلع أظافره بواسطة كلابات، وتعريضه للصعق بالكهرباء".

اقرأ أيضا: السجون العراقية... مملكة الفساد حيث الأحياء أموات

من جانبه، طالب رئيس المركز العراقي لحقوق الإنسان، الدكتور حسين كمال العاني، رئيس الحكومة بتحمل مسؤوليته تجاه عمليات وفاة السجناء جراء التعذيب داخل السجون، التي باتت "مستفحلة"، وفقا لقوله.

وأوضح العاني أن "مسألة استفتاح أجهزة الشرطة كل أسبوع ببيان أو اثنين عن معتقلين تقول إنهم ماتوا بسكتة قلبية أو انتحار، باتت غير مقبولة، والجميع يعلم أن غالبية من يموت في السجون بسبب التعذيب الوحشي والانتقام على أسس طائفية، ويجب إبعاد المليشيات والمستشارين الإيرانيين من السجون فورا"، بحسب قوله.

وانتقد دور البرلمان العراقي في هذا الملف بالذات، مؤكدا أن سجون بابل وذي قار وبغداد، سجلت أعلى معدل قتل للسجناء جراء التعذيب خلال العام الجاري، وهناك الكثير من الضحايا قتلوا ولم يعلن عنهم وسلموا لذويهم وأمروا أن يلتزوا الصمت".

اقرأ أيضا: سجون العراق.. الداخل مفقود والخارج مولود