كفاءات العراق الطبية ترفض عروض العودة إلى البلاد

18 يوليو 2018
نقص كبير في المستشفيات والدوائر الصحية (Getty)
+ الخط -

تعثرت خطة وزارة الصحة العراقية في إعادة الكفاءات الطبية إلى البلاد، في الوقت الذي تمر فيه بأزمة كبيرة سببها نقص أطباء التخدير، ما دفعها إلى التعاقد مع دول مثل الهند ولبنان لاستقدام أطباء بهذا التخصص.

ومن أصل 7 آلاف طبيب عراقي غادروا البلاد خوفاً من عمليات القتل والاختطاف، التي نفذتها مليشيات مسلحة وعصابات جريمة منظمة لأسباب طائفية أو مالية بحتة، لم تتمكن الوزارة من إعادة سوى بضع عشرات منهم خلال هذا العام.

لكن وفقا لمسؤول بوزارة الصحة العراقية، فإنّ البرنامج الذي أطلق مطلع هذا العام وخصصت له مبالغ مالية كبيرة لم ينجح ولم يحقق حتى 5 بالمائة من أهدافه، مبيناً أن وزيرة الصحة والبيئة عديلة حمود، أوفدت كوادر طبية وإعلامية لأماكن تواجد الأطباء العراقيين في أوروبا أو دول عربية، وخصصت مبالغ ضخمة لهذا البرنامج تحت مزاعم إقناع الأطباء بالعودة، ورغم أن الوفود أغلبهم من أقرباء الوزيرة أو من حزبها لكن لم يتحقق شيء".

وأضاف "أقل من 300 طبيب عادوا ولم يجدوا الوعود التي أعطيت لهم وقسم منهم غادر العراق مجددا وآخرون قرروا المغادرة فعلا"، ولفت إلى أن الأطباء يجدون ظروفا أفضل خارج العراق سواء فيما يتعلق بالمستشفيات أو ظروف العمل والحماية وتوفير المستلزمات المناسبة لهم، فضلا عن الأجور وتوفر الأمن، "من يجد كل هذا فمن المستحيل أن يعود للعراق كي يفقدها".

وأوضح أنّ "الوزارة قدمت عروضاً مختلفة لتلك الكوادر في محاولة لاستقطابها، وضمنت لهم العودة إلى دوائرهم، لكنّ كل ذلك لم ينفع مع رفضهم العودة"، مؤكدا أنّ "عدم عودة تلك الكفاءات تسبب بنقص كبير في إمكانات المستشفيات والدوائر الصحية في البلاد".

وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت قبل أيام عن عودة نحو 400 طبيب للبلاد. وقال المدير العام لدائرة التخطيط وتنمية الموارد في الوزارة، حسين التميمي، في تصريح صحافي، إنّ "دائرة التخطيط تمكنت من إعادة 405 من الكفاءات الطبية التي تركت الخدمة في البلاد، بواقع سبع دفعات، ضمن مشروع عودة الكفاءات الطبية من خارج البلاد".

وأكد أنّ "عودة هذه الكفاءات ستسهم في رفد دوائر الصحة في بغداد والمحافظات بالملاكات الطبية المختلفة، من أجل تقديم الخدمات الطبية والصحية والعلاجية للمواطنين".

بدورها، أوضحت نقابة الأطباء العراقية، أنّ عودة الكفاءات الطبية لا ترتبط بوزارة الصحة فقط، إذ إنّ العودة مرتهنة بتهيئة ظروف أمنية واقتصادية مناسبة لهذه الكفاءات من أجل استقطابهم من جديد.

وقال عضو النقابة، الدكتور باسل الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أغلب الكفاءات الطبية العراقية حصلت على فرص عمل مناسبة جدا لها في الدول التي سافرت إليها، واحتضنتهم المؤسسات الصحية، وهيأت لهم ظروفا جيدة للاستفادة من خبراتهم"، مبينا أنّ "إعادة تلك الكفاءات تحتاج إلى تضافر الجهود من قبل كافة أجهزة الدولة، لتوفير حياة كريمة وآمنة ومستقرة".

وأضاف أنّ "كل ذلك غير متوفر حاليا في العراق، فلا يوجد استقرار أمني ولا سياسي، الأمر الذي سيفشل كافة الجهود لإعادة تلك الكوادر"، مستبعدا "إمكانية إعادتهم خلال الفترة القريبة المقبلة".

من جهته، أكد الدكتور عصام العمري أخصائي الأورام في اتصال هاتفي من أثينا لـ"العربي الجديد"، أنه عاد إلى بغداد لشهر واحد وغادر مجددا وقرر عدم العودة، "الحمد لله أنني لم أعد بزوجتي وأطفالي وأخذت إجازة من عملي ولم أتركه، لقد عدت إلى بلدي بعد 14 عاماً من الغياب لأرى الوضع عن قرب".

وأضاف "استبد بي الشوق إلى مسقط رأسي بغداد وإلى كليتي وعيادتي السابقة، لكن عندما رجعت وجدت كل شيء تغير، وزملائي منهم من قتل ومنهم من سافر، والمستشفيات بحالة سيئة، ويمكن لأي منظف بالمستشفى أن يتجاوز عمل الطبيب أو لسائق سيارة إسعاف أن يتدخل فيه، كونهم جميعا أو غالبيتهم أفراد مليشيات لا يجرؤ حتى مدير المستشفى على التحدث معهم".

ووصف وعود الوزارة بأنها كاذبة، إذ لم يجد شيئا مما قالت عنه، وقرر العودة على أمل معجزة تلد حكومة صادقة تنتشل العراق من محنته السوداء"، وفقا لقوله.

 


وكان الآلاف من الكفاءات العراقية الطبية وغير الطبية، قد تركت البلاد منذ العام 2003، بسبب الظروف الأمنية الخطيرة، وما رافقها من تداعيات انعكست على جوانب الحياة كافة، الأمر الذي تسبب بخلل كبير في الدوائر والمؤسسات الحكومية والتعليمية والطبية وغيرها من مؤسسات البلاد.