أثارت تعديلات دستوريّة تتضمّن حق الزواج المباشر، أي السماح للفتاة السودانيّة بعقد قرانها بنفسها وحضور مراسم العقد بحضور الولي، جدالاً كبيراً في السودان. وقد أفتى مجمّع الفقه الإسلامي بمخالفته الشريعة الإسلاميّة، معدّاً الخطوة تهديداً للسلم المجتمعي في البلاد.
وكانت رئاسة الجمهوريّة قد أودعت البرلمان حزمة من التعديلات الدستوريّة التي أقرّها مؤتمر الحوار الوطني، من بينها ما يتعلق بالحريات العامة وحرية الزواج التي وضعها زعيم حزب المؤتمر الشعبي، حسن الترابي، قبل رحيله. التعديلات المقترحة تتضمّن زواج التراضي المباشر أو بالوكالة، المشروط ببلوغ سنّ الرشد بحسب القانون. ورأت اللجنة البرلمانيّة الطارئة المعنيّة بدراسة التعديلات الدستورية، أنّ لفظ الزواج المباشر الوارد في نص التعديلات يعني إلغاء دور الولي في الزواج، الأمر الذي أدّى إلى استنفار هيئة العلماء المسلمين. فدافع المؤتمر الشعبي عن حزمة التعديلات، مشدّداً على ضرورة إجازتها من البرلمان كما هي. ولفت إلى أنّ الجدال المثار هو بمثابة محاولة للتنصل من التعديلات التي تتضمّن أيضاً تغيير مهام قوّات الأمن وحصر دورها في جمع المعلومات وتحليلها، فضلاً عن إقرار الحريّات العامة.
في السياق، يقول الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هجوم مجمّع الفقه على التعديلات، خصوصاً في ما يتعلّق بالزواج، يُقصد منه التنصّل من التعديلات"، مشيراً إلى "حقّ المرأة في الزواج المباشر إذ هو حق دستوري". ويرى أنّ "حقوق المرأة في السودان مهدورة"، موضحاً أنّ "كلّ العقود أصالة، والعقد مع الله أصالة".
يضيف أنّ "التعديلات أعطت المرأة حقَّ مباشرة عقد قرانها بنفسها أمام المأذون وفي مجلس العقد"، متابعاً أنّ "هذه الخطوة من شأنها إغلاق باب زواج القاصرات وزواج الجبر. فثمّة زيجات تحدث غصباً عن إرادة المرأة، والتعديل هو تطوير لعقد الزواج".
تشير مصادر "العربي الجديد" إلى أنّ هيئة علماء السودان ومجمّع الفقه الإسلامي عبّرا صراحة للجنة البرلمانيّة عن رفض التعديلات جملة وتفصيلاً، إذ هي مخالفة للدين. يُذكر أنّ رئيس مجمّع الفقه الإسلامي، عصام أحمد البشير، كان قد حسم بمخالفة تعديلات الزواج للشريعة الإسلامية، إذ هي تستبعد موافقة "الولي" في الزواج، مستنداً إلى قول النبي محمد: "أي امرأة نكحت بغير إذن وليّها، فنكاحها باطل باطل باطل". وقد أضاف أنّ "الأصل لدينا هو أن يتقدّم الشاب إلى والد الفتاة، وتعقب ذلك المشاورة. فكيف يستقيم إتمام زواج امرأة ورجل من دون العودة إلى أسرتَيهما؟".
اقــرأ أيضاً
ويرى مؤيّدون للتعديل أنّه لا غضاضة فيه أو مخالفة للشرع، إذ يمنح الشابة الحقّ في أن "تعقد لنفسها أصالة مع توفّر أركان الزواج من وليّ وإشهاد ومهر"، أسوةً بما يحدث الآن. ويشيرون إلى أنّ المستحدث في التعديلات هو حضور الشابة عقد قرانها وأن تعقد لنفسها، مؤكّدين أنّ الإمام أبو حنيفة لم يضع الوليّ شرطاً للزواج. يُذكر أنّ القضاء الشرعي في الدول الإسلامية يأخذ بفقه أبو حنيفة في أحوال الأسرة.
في المقابل، يقول مناهضون، إنّ التعديل من شأنه أن يؤدّي إلى التمرّد داخل الأسرة وتفكيكها، خصوصاً أنّه يمكّن الشابة من استغلاله بطريقة أخرى، على غرار أن تعمد إلى مفاجأة أهلها بالزواج من دون علمهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ إجراءات عقد القران في السودان تقتصر على الرجال فقط، وذلك إمّا في المسجد أو منزل العروس، ولا تحضره النساء ولا العروس. وفي الآونة الأخيرة، كثرت الزيجات التي تكون فيها العروس حاضرة لعقد قرانها، علماً أنّ ذلك لم يلقَ ترحيباً في المجتمع الذي رأى في ذلك تقليداً للخارج. وهو ما أدى إلى عدم انتشارها.
ترفض نرمين (24 عاماً) الفكرة جملة وتفصيلاً، لافتة إلى أنّ حضور الوليّ شرط لصحّة أيّ زواج. وتسأل: "هل في الشرع حديث يسمح بذلك؟". أمّا حسام (33 عاماً)، فيرى أنّ التعديل بمثابة كارثة للأسر، وسوف يؤدّي إلى تفكيكها. ويوضح أنّ "السودان في الوقت الحالي بلد مفتوح تدخل إليه جنسيّات مختلفة، وقد تتعرّف السودانيّة على أجنبي وتحرّكها العاطفة، وقد تتجاهل أهلها له وتقدم على الزواج منه بدون علمهم. الأمر الذي يؤدّي إلى أزمة حقيقية". من جهتها، تسأل آمنة (36 عاماً): "كيف للفتاة أن تعقد لنفسها كأنها مقطوعة من شجرة؟". تضيف: "علينا المضي بحسب الشرع الذي اشترط وجود الوليّ". إلى هؤلاء، تقول سارة (28 عاماً) إنّ "التعديل من شأنه الحفاظ على حقوق المرأة. وهو لم يخل بشروط صحّة الزواج. من حقّ الفتاة أن تختار وتعقد لنفسها لتتحمل مسؤولية الزواج كاملة".
اقــرأ أيضاً
وكانت رئاسة الجمهوريّة قد أودعت البرلمان حزمة من التعديلات الدستوريّة التي أقرّها مؤتمر الحوار الوطني، من بينها ما يتعلق بالحريات العامة وحرية الزواج التي وضعها زعيم حزب المؤتمر الشعبي، حسن الترابي، قبل رحيله. التعديلات المقترحة تتضمّن زواج التراضي المباشر أو بالوكالة، المشروط ببلوغ سنّ الرشد بحسب القانون. ورأت اللجنة البرلمانيّة الطارئة المعنيّة بدراسة التعديلات الدستورية، أنّ لفظ الزواج المباشر الوارد في نص التعديلات يعني إلغاء دور الولي في الزواج، الأمر الذي أدّى إلى استنفار هيئة العلماء المسلمين. فدافع المؤتمر الشعبي عن حزمة التعديلات، مشدّداً على ضرورة إجازتها من البرلمان كما هي. ولفت إلى أنّ الجدال المثار هو بمثابة محاولة للتنصل من التعديلات التي تتضمّن أيضاً تغيير مهام قوّات الأمن وحصر دورها في جمع المعلومات وتحليلها، فضلاً عن إقرار الحريّات العامة.
في السياق، يقول الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هجوم مجمّع الفقه على التعديلات، خصوصاً في ما يتعلّق بالزواج، يُقصد منه التنصّل من التعديلات"، مشيراً إلى "حقّ المرأة في الزواج المباشر إذ هو حق دستوري". ويرى أنّ "حقوق المرأة في السودان مهدورة"، موضحاً أنّ "كلّ العقود أصالة، والعقد مع الله أصالة".
يضيف أنّ "التعديلات أعطت المرأة حقَّ مباشرة عقد قرانها بنفسها أمام المأذون وفي مجلس العقد"، متابعاً أنّ "هذه الخطوة من شأنها إغلاق باب زواج القاصرات وزواج الجبر. فثمّة زيجات تحدث غصباً عن إرادة المرأة، والتعديل هو تطوير لعقد الزواج".
تشير مصادر "العربي الجديد" إلى أنّ هيئة علماء السودان ومجمّع الفقه الإسلامي عبّرا صراحة للجنة البرلمانيّة عن رفض التعديلات جملة وتفصيلاً، إذ هي مخالفة للدين. يُذكر أنّ رئيس مجمّع الفقه الإسلامي، عصام أحمد البشير، كان قد حسم بمخالفة تعديلات الزواج للشريعة الإسلامية، إذ هي تستبعد موافقة "الولي" في الزواج، مستنداً إلى قول النبي محمد: "أي امرأة نكحت بغير إذن وليّها، فنكاحها باطل باطل باطل". وقد أضاف أنّ "الأصل لدينا هو أن يتقدّم الشاب إلى والد الفتاة، وتعقب ذلك المشاورة. فكيف يستقيم إتمام زواج امرأة ورجل من دون العودة إلى أسرتَيهما؟".
ويرى مؤيّدون للتعديل أنّه لا غضاضة فيه أو مخالفة للشرع، إذ يمنح الشابة الحقّ في أن "تعقد لنفسها أصالة مع توفّر أركان الزواج من وليّ وإشهاد ومهر"، أسوةً بما يحدث الآن. ويشيرون إلى أنّ المستحدث في التعديلات هو حضور الشابة عقد قرانها وأن تعقد لنفسها، مؤكّدين أنّ الإمام أبو حنيفة لم يضع الوليّ شرطاً للزواج. يُذكر أنّ القضاء الشرعي في الدول الإسلامية يأخذ بفقه أبو حنيفة في أحوال الأسرة.
في المقابل، يقول مناهضون، إنّ التعديل من شأنه أن يؤدّي إلى التمرّد داخل الأسرة وتفكيكها، خصوصاً أنّه يمكّن الشابة من استغلاله بطريقة أخرى، على غرار أن تعمد إلى مفاجأة أهلها بالزواج من دون علمهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ إجراءات عقد القران في السودان تقتصر على الرجال فقط، وذلك إمّا في المسجد أو منزل العروس، ولا تحضره النساء ولا العروس. وفي الآونة الأخيرة، كثرت الزيجات التي تكون فيها العروس حاضرة لعقد قرانها، علماً أنّ ذلك لم يلقَ ترحيباً في المجتمع الذي رأى في ذلك تقليداً للخارج. وهو ما أدى إلى عدم انتشارها.
ترفض نرمين (24 عاماً) الفكرة جملة وتفصيلاً، لافتة إلى أنّ حضور الوليّ شرط لصحّة أيّ زواج. وتسأل: "هل في الشرع حديث يسمح بذلك؟". أمّا حسام (33 عاماً)، فيرى أنّ التعديل بمثابة كارثة للأسر، وسوف يؤدّي إلى تفكيكها. ويوضح أنّ "السودان في الوقت الحالي بلد مفتوح تدخل إليه جنسيّات مختلفة، وقد تتعرّف السودانيّة على أجنبي وتحرّكها العاطفة، وقد تتجاهل أهلها له وتقدم على الزواج منه بدون علمهم. الأمر الذي يؤدّي إلى أزمة حقيقية". من جهتها، تسأل آمنة (36 عاماً): "كيف للفتاة أن تعقد لنفسها كأنها مقطوعة من شجرة؟". تضيف: "علينا المضي بحسب الشرع الذي اشترط وجود الوليّ". إلى هؤلاء، تقول سارة (28 عاماً) إنّ "التعديل من شأنه الحفاظ على حقوق المرأة. وهو لم يخل بشروط صحّة الزواج. من حقّ الفتاة أن تختار وتعقد لنفسها لتتحمل مسؤولية الزواج كاملة".