إيرانيات يمارسن "الباركور" في الحدائق العامة

03 مارس 2015
تحتاج هذه الرياضة إلى قدرة بدنيّة كبيرة (العربي الجديد)
+ الخط -
قد لا يستغرب المارة بالقرب من الحدائق العامة في العاصمة الإيرانيّة طهران، تمرّن بعض الشبان فيها على حركات بهلوانيّة أو التدرّب على رياضات اللياقة البدنيّة أو حتى على بعض الفنون القتاليّة. لكن المستغرب بالنسبة إلى البعض، هو انضمام عدد من الشابات مؤخراً إلى هذه المجموعات.

ورياضة "مضمار اللياقة" أو ما يطلق عليه اصطلاحاً رياضة "الباركور"، بدأت كتدريبات على اللياقة البدنيّة ابتكرها الفرنسي جورج إيبير واختبرتها وحدات عسكريّة في فرنسا قبل أكثر من مئة عام. وهي اليوم تمارس في الشوارع وعلى الأسطح وحتى في بعض النوادي الخاصة المفتوحة في بلدان كثيرة.

وهذه الرياضة التي تمارس في الهواء الطلق، تشمل عشرة مناهج هي: المشي والركض والقفز والتسلق وحمل الأثقال والتنقّل على الأطراف الأربعة ورمي الكرة والتوازن والدفاع عن النفس والسباحة. وهو ما يجعل ممارستها صعبة على الإناث، بحسب ما يرى البعض.

لكن رياضة "الباركور" باتت هواية بالنسبة إلى إيرانيات كثيرات، لا سيّما أن الفلسفة التي تقوم عليها تقول بضرورة تعلّم كيفيّة تخطي الصعوبات والعقبات والموانع، وبلوغ الأهداف المرسومة والتخلص من المخاوف وعدم الاستسلام. فتقول ممارساتها إنها تعني تخطي المشاكل وتحقيق المبتغى والحريّة في الوقت نفسه.

فاطمة أكرمي (20 عاماً) واحدة من الشابات اللواتي يقصدن حديقة نياوران (شمال العاصمة الإيرانية) للتمرّن إلى جانب صديقاتها وأصدقائها الشبان أيضاً، ما بين مرّة وثلاث مرات أسبوعياً. تخبر الشابة أنها كانت تتمرّن على الجمباز منذ نعومة أظفارها، "لكن في ظل عدم توفّر دروس متقدّمة لتطوير مهاراتي، اضطررت إلى التخلي عن هوايتي تلك. كذلك، لا مجال للمشاركة في مسابقات عالميّة لتمثيل بلدي. واستمررت في البحث عن خيارات بديلة إلى أن تعرّفت إلى مدرّب باركور".

قبل عام واحد، بدأت فاطمة بممارسة هذه الرياضة بانتظام، لكنها غالباً ما تلاحظ "نظرات استغراب، في حين أتلقى تشجيعاً في المقابل بما أنني فتاة وأمارس هذه الحركات بكل براعة".

إيسا نجاد هي رفيقة فاطمة في المجموعة. تقول إن "بعضهم يرى أن الحجاب قد يشكل عائقاً في وجه ممارسة هذا النوع من الرياضات. لكنه لا يؤثر عليّ ولا على تماريني". تضيف: "القانون يفرض على الإيرانيات وضع الحجاب في الأماكن العامة، لكن هذا لا يعني الوقوف في وجه أحلامنا ورغباتنا، خصوصاً أنه لا مانع من ممارسة هذه الرياضة في الأماكن العامة". لكن إيسا تشكو من عدم توفّر أماكن خاصة للتدريب وعدم إجراء مسابقات محليّة، وكذلك عن عدم وجود مدرّبين محترفين.

من جهته، يقول المدرّب داريوش باقري بوجوب أن تكون لهذه الرياضة نقابة خاصة، شأنها شأن الرياضات الأخرى، بالإضافة إلى الاهتمام بها بشكل خاص، لا سيّما بعد الإقبال اللافت عليها وخصوصاً من قبل الإناث. ويطالب باستحداث نوادٍ خاصة، مشيراً إلى أن ذلك في حاجة إلى ميزانيات تقرّها نقابة الرياضيّين التي ترعاها الحكومة الإيرانيّة. ويشدّد في هذا الإطار على "ضرورة وجود هيئات خاصة ترعى رياضيي الباركور ومحترفيها ومدربيها. فالاهتمام الحقيقي فقط يسمح بتطوير هذه الرياضة ويسمح بتقدّم الإيرانيّين والإيرانيات نحو العالميّة، خصوصاً أن كثراً يرغبون في ممارستها". يضيف أن من شأن ذلك أن يعرّف المجتمع الإيراني عليها، هو الذي ما زال بعض أفراده يتحفظون على ممارسة الشابات هذا النوع من الرياضات في الأماكن العامة".

أمينة محمدي (اسم مستعار) تشجّع الشابات على تحقيق طموحاتهنّ ومواجهة المصاعب والتحديات، لكنها في الوقت نفسه ترى أن المجتمع ما زال غير قادر على تقبّل ممارسة الإناث لهذا النوع من الرياضات، لا سيّما في الأماكن العامة. وهو الأمر الذي يعرضهنّ للمضايقات، بحسب رأيها. ولا تختلف وجهة نظر زوجها الذي كان يجلس إلى جانبها في إحدى الحدائق العامة عن وجهة نظرها كثيراً. بالنسبة إليه، "ممارسة هذا النوع من الرياضات علناً في مجتمع محافظ أمر قد يزعج هؤلاء الشابات في الدرجة الأولى".

أما أمير حسين فيقول بضرورة أن "يتقبّل المجتمع ممارسة الإيرانيات لهذه الرياضة التي تحتاج إلى قدرة بدنيّة كبيرة. هذا أمر صعب ويستحق الاحترام والتقدير". ويرى أن "خوضهن هذه المجالات، يساعد على بلوغ إيران العالميّة في النهاية. فتطوير قدراتهن سيساعد على المشاركة في مسابقات أكثر مستقبلاً، وهو ما يصبّ في مصلحة البلاد في الدرجة الأولى".
وما بين المتحفظين على ممارسة الإيرانيات هذه الرياضات في الأماكن العامة ومشجعيها، يتفق كثر على عدم الوقوف في وجههن. بالنسبة إليهم، تشجيعهن قد يزيد من رصيدهن في العالم أجمع.
المساهمون