قديماً لم يكن للمواد الغذائية المعلبة مكان على موائد التونسيين، لكنّ تغير نمط حياة الأسر وخروج المرأة إلى العمل وحتى تغير العمارة وشكل المساكن، ساهمت في استغناء العائلات التونسية عن عاداتها في تخزين المؤونة وأسس المطبخ القديم، لتجنح أكثر نحو المعلّب والجاهز. لكنّ الاتجاه اليوم هو الارتداد إلى الموروث.
تخزين المؤونة، أو "العولة" من ذلك الموروث الغذائي، إذ لم يكن بيت يخلو من تلك المواد الغذائية المخزنة طوال أيام العام، من قبيل المعجنات (الكسكسي والمحمص والفلافل) ومعجون الطماطم (صلصة)، والهريسة، والبهارات، فضلاً عن تجفيف أصناف من اللحوم على غرار القديد والمسلّي. وتعدّ المؤونة من مواد طبيعية تجفف في الشمس وتحفظ في أوانٍ فخارية بعد إضافة الملح للحفاظ عليها أطول وقت ممكن. ولتخزين المؤونة فنون عديدة، إذ تخصص الأواني الفخارية لحفظ "العولة" وغالباً ما تترك المواد المحفوظة في أماكن مخصصة لها كانت تسمى سابقاً "بيت العولة" وهي غرفة بعيدة عن الرطوبة وكلّ مسببات التعفن الغذائي الذي قد يؤدي إلى تلف المواد المخزنة.
تساعد "العولة" الأسر في ترشيد نفقات الطعام، خصوصاً في فصل الشتاء، وفيه يستعان بالمؤونة المجففة والمعدّة صيفاً لإعداد أطباق تقاوم البرد والجوع بأقل كلفة ممكنة. وقد لوحظت عودة كثير من التونسيين إلى عادات الأجداد والآباء في إعداد المؤونة واستعمالها على مدار السنة لهذا الغرض الاقتصادي وغيره. فـ"العولة" كعادة موسمية لدى الأسر التونسية كانت غايتها سابقاً حفظ المواد الغذائية والاستفادة منها على مدار العام من خلال تأمين القوت ودرء خطر الجوع والفاقة، لكنّ الخوف من مخاطر المواد المعلّبة بدّل غاياتها، إذ عاد التونسيون إلى موروثهم القديم حفاظاً على سلامتهم من الأمراض التي قد تنتج عن الغذاء المعلب حالياً.
تقول الدكتورة بمعهد التغذية والتقنيات الغذائية، ليلى علوان، إنّ العادات الغذائية القديمة غنية بالأطعمة الصحية وطرق الحفظ الطبيعية التي تساعد على المحافظة على المكونات الجيدة للغذاء، معتبرة أنّ العودة إلى موروث المطبخ إيجابية.
اقــرأ أيضاً
تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الغذاء السليم يكسب الجسم مناعة وقدرة على مقاومة الأمراض مقابل ارتفاع نسبة الأمراض المتأتية من السلوك الغذائي السيئ والاستهلاك المفرط للمعلبات والأطعمة المعالجة، مشيرة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية تنادي بالعودة إلى كلّ ما هو طبيعي، بداية من الرضاعة الطبيعية للأطفال، وصولاً إلى الطعام في مختلف المراحل العمرية.
تعتبر علوان أنّ الكشف عن مخالفات كثيرة في مصانع الغذاء وارتفاع نسبة التسمم ساهما في الارتداد نحو المطبخ القديم وعادات "العولة"، مشددة على ضرورة مراعاة الحفظ السليم لهذه الأغذية. وتشدد على أنّ لـ"العولة" فوائد صحية وأخرى اقتصادية، إذ تساهم في ترشيد نفقات الأسر والحفاظ على التوازن المالي فيها. تتابع أنّ الأجهزة الصحية المختصة تسعى إلى مزيد من ترسيخ العادات الغذائية التقليدية لدى الناشئة في المراحل التعليمية الأولى، خصوصاً ما يتعلق بالفطور الصباحي الذي يعتمد على البقوليات والحبوب الكاملة، لحثهم على تعويض الحلويات الجاهزة المشبعة بالسكريات والتي تسبب لاحقاً مشاكل صحية، خصوصاً السمنة المفرطة، بحسب تأكيدها.
من جهتها، كشفت الجمعية التونسية للعلوم الصيدلية عن نسب مرتفعة للإصابة بالسمنة وزيادة الوزن في صفوف التونسيين تقدّر بـ50 في المائة، مشيرة إلى تصنيف تونس في مراتب متقدمة عالمياً في قائمة الشعوب الأكثر بدانة في العالم. ويعود انتشار السمنة في الأساس إلى تغير نمط العيش وتدهور العادات الغذائية لدى التونسيين وقلة ممارسة الرياضة وعدم انتظام أوقات الأكل، كما تناول الوجبات السريعة التي تخلو من المنافع الغذائية، ما أضرّ حتى بالأطفال الذين باتوا يعانون بدورهم من السمنة ومن زيادة الوزن ومن مشاكل أخرى تؤديان إليها.
اقــرأ أيضاً
تحتفظ العديد من المدن التونسية بالرغم من التمدن وتغير السلوك الاستهلاكي بعادات الفطور الصباحي التقليدي الذي يعتمد على زيت الزيتون والبسيسة (خليط من البقول والحبوب الكاملة) وهي عادات أثبتت الأبحاث الطبية تأثيرها الايجابي على الصحة، خصوصاً لدى الأطفال في طور النمو، مقابل أبحاث أخرى تؤكد التداعيات السلبية على الناشئة للمأكولات الجاهزة.
قديماً كانت "العولة" ضرورة اقتصادية ومجتمعية في آنٍ واحد، وبالرغم من تخلي كثيرات عنها فما زالت راسخة في المجتمع التونسي وثقافته، ما ساعد في استعادة ربات البيوت الشابات لها.
تخزين المؤونة، أو "العولة" من ذلك الموروث الغذائي، إذ لم يكن بيت يخلو من تلك المواد الغذائية المخزنة طوال أيام العام، من قبيل المعجنات (الكسكسي والمحمص والفلافل) ومعجون الطماطم (صلصة)، والهريسة، والبهارات، فضلاً عن تجفيف أصناف من اللحوم على غرار القديد والمسلّي. وتعدّ المؤونة من مواد طبيعية تجفف في الشمس وتحفظ في أوانٍ فخارية بعد إضافة الملح للحفاظ عليها أطول وقت ممكن. ولتخزين المؤونة فنون عديدة، إذ تخصص الأواني الفخارية لحفظ "العولة" وغالباً ما تترك المواد المحفوظة في أماكن مخصصة لها كانت تسمى سابقاً "بيت العولة" وهي غرفة بعيدة عن الرطوبة وكلّ مسببات التعفن الغذائي الذي قد يؤدي إلى تلف المواد المخزنة.
تساعد "العولة" الأسر في ترشيد نفقات الطعام، خصوصاً في فصل الشتاء، وفيه يستعان بالمؤونة المجففة والمعدّة صيفاً لإعداد أطباق تقاوم البرد والجوع بأقل كلفة ممكنة. وقد لوحظت عودة كثير من التونسيين إلى عادات الأجداد والآباء في إعداد المؤونة واستعمالها على مدار السنة لهذا الغرض الاقتصادي وغيره. فـ"العولة" كعادة موسمية لدى الأسر التونسية كانت غايتها سابقاً حفظ المواد الغذائية والاستفادة منها على مدار العام من خلال تأمين القوت ودرء خطر الجوع والفاقة، لكنّ الخوف من مخاطر المواد المعلّبة بدّل غاياتها، إذ عاد التونسيون إلى موروثهم القديم حفاظاً على سلامتهم من الأمراض التي قد تنتج عن الغذاء المعلب حالياً.
تقول الدكتورة بمعهد التغذية والتقنيات الغذائية، ليلى علوان، إنّ العادات الغذائية القديمة غنية بالأطعمة الصحية وطرق الحفظ الطبيعية التي تساعد على المحافظة على المكونات الجيدة للغذاء، معتبرة أنّ العودة إلى موروث المطبخ إيجابية.
تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الغذاء السليم يكسب الجسم مناعة وقدرة على مقاومة الأمراض مقابل ارتفاع نسبة الأمراض المتأتية من السلوك الغذائي السيئ والاستهلاك المفرط للمعلبات والأطعمة المعالجة، مشيرة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية تنادي بالعودة إلى كلّ ما هو طبيعي، بداية من الرضاعة الطبيعية للأطفال، وصولاً إلى الطعام في مختلف المراحل العمرية.
تعتبر علوان أنّ الكشف عن مخالفات كثيرة في مصانع الغذاء وارتفاع نسبة التسمم ساهما في الارتداد نحو المطبخ القديم وعادات "العولة"، مشددة على ضرورة مراعاة الحفظ السليم لهذه الأغذية. وتشدد على أنّ لـ"العولة" فوائد صحية وأخرى اقتصادية، إذ تساهم في ترشيد نفقات الأسر والحفاظ على التوازن المالي فيها. تتابع أنّ الأجهزة الصحية المختصة تسعى إلى مزيد من ترسيخ العادات الغذائية التقليدية لدى الناشئة في المراحل التعليمية الأولى، خصوصاً ما يتعلق بالفطور الصباحي الذي يعتمد على البقوليات والحبوب الكاملة، لحثهم على تعويض الحلويات الجاهزة المشبعة بالسكريات والتي تسبب لاحقاً مشاكل صحية، خصوصاً السمنة المفرطة، بحسب تأكيدها.
من جهتها، كشفت الجمعية التونسية للعلوم الصيدلية عن نسب مرتفعة للإصابة بالسمنة وزيادة الوزن في صفوف التونسيين تقدّر بـ50 في المائة، مشيرة إلى تصنيف تونس في مراتب متقدمة عالمياً في قائمة الشعوب الأكثر بدانة في العالم. ويعود انتشار السمنة في الأساس إلى تغير نمط العيش وتدهور العادات الغذائية لدى التونسيين وقلة ممارسة الرياضة وعدم انتظام أوقات الأكل، كما تناول الوجبات السريعة التي تخلو من المنافع الغذائية، ما أضرّ حتى بالأطفال الذين باتوا يعانون بدورهم من السمنة ومن زيادة الوزن ومن مشاكل أخرى تؤديان إليها.
تحتفظ العديد من المدن التونسية بالرغم من التمدن وتغير السلوك الاستهلاكي بعادات الفطور الصباحي التقليدي الذي يعتمد على زيت الزيتون والبسيسة (خليط من البقول والحبوب الكاملة) وهي عادات أثبتت الأبحاث الطبية تأثيرها الايجابي على الصحة، خصوصاً لدى الأطفال في طور النمو، مقابل أبحاث أخرى تؤكد التداعيات السلبية على الناشئة للمأكولات الجاهزة.
قديماً كانت "العولة" ضرورة اقتصادية ومجتمعية في آنٍ واحد، وبالرغم من تخلي كثيرات عنها فما زالت راسخة في المجتمع التونسي وثقافته، ما ساعد في استعادة ربات البيوت الشابات لها.