وكشفت الهيئة الوطنية، ضمن تقريرها السنوي، عن الأشكال المتعددة للاتجار بالبشر وضحاياه من الأطفال والنساء والعمال والمهاجرين الأفارقة. وحضر المؤتمر الذي نُظِّم في بلدية تونس، وفود من المنظمة الدولية للهجرة، مجلس أوروبا، منظمة "محامون بلا حدود"، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والعديد من الباحثين ومكونات المجتمع المدني.
وأكدت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص روضة العبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه جرى إحصاء 1313 حالة اتجار عام 2019، و"هو رقم مرتفع مقارنة بـ2018، حيث كان الرقم لا يتجاوز 780"، مشيرة إلى أنّ نصف حالات الاتجار بالأشخاص المسجلة "من النساء، إذ تمثل الفتيات نحو 53%"، مؤكدة أنّ الأغلبية الساحقة ضحايا أجانب ويجري استغلالهم في الأعمال المنزلية والتشغيل القسري.
وأفادت العبيدي بأنّ وزارة الداخلية التونسية سجلت 755 حالة لضحايا الاتجار بالبشر، منها 185 من الضحايا الأجانب، و203 في العمالة المنزلية، و381 ضحايا تشغيل قسري، وهناك حالة للإكراه على الحمل.
وأوضحت أنّ العدد الإجمالي من جنس الإناث بلغ 346 من الجنسية التونسية بنسبة 41.1% مقابل 495 من الذكور، مؤكدة أنّ إشعارات مندوبي الطفولة شملت 173 إشعاراً واحتلت ولاية سيدي بوزيد المرتبة الأولى بـ47 حالة.
وأضافت العبيدي أنّ "ظاهرة جديدة اكتُشفَت شملت محاولات بيع أطفال من أمهات عازبات وضُبطَت 8 حالات، ومنها واحدة لبيع طفل لعائلة أجنبية وأيضاً لاستغلال نساء بمحاولة تسفيرهن إلى بلد عربي".
ولفتت إلى أنّ أغلب الإشعارات تأتي من وزارة العدل والخارجية وبعض المنظمات، مضيفة أن ضحايا الاتجار بالبشر من 17 جنسية، وأغلبهم من البلدان الأفريقية مثل كوت ديفوار والسنغال والسودان وليبيا.
وبيّنت العبيدي أنّ نسبة 47% من مجموع حالات الاتجار بالأشخاص تشمل الأطفال، إذ يجري استغلالهم اقتصادياً وفي جرائم منظمة، لافتة إلى أنّ هناك ممارسات للاستغلال شبيهة بالرق، مشيرة كذلك إلى أنّ الإناث يجري استغلالهن جنسياً، وتشمل النسبة 57% إلى جانب تشغيلهن قسرياً.
Facebook Post |
من جهتها، قالت رئيسة جمعية "منامتي" الناشطة في مجال محاربة العنصرية سعدية مصباح، لـ"العربي الجديد"، إنّ تونس "تفتخر بإلغاء الرق والعبودية منذ عام 1846، أي بمرور 174 عاماً، لكن للأسف هناك أشكال جديدة من العبودية ظهرت في البلاد، متمثلة بالعمل القسري واستغلال المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء".
وأوضحت مصباح أنّ "هؤلاء يتعرضون لسوء معاملة واعتداءات جنسية وسوء تغذية"، مشيرة إلى "ظاهرة جديدة تتعلّق بولادة أطفال من مهاجرين أفارقة دون أي هوية، في ظل الإقامة غير القانونية، وغياب سفارات لبعض البلدان التي يأتي منها هؤلاء المهاجرون الذين يخشون المطالبة بتسجيل أطفالهم".
يُذكر أنّ الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، كان قد أعلن، مطلع العام الماضي، أنّ يوم 23 يناير/ كانون الثاني من كل سنة عيد وطنيّ لإلغاء العبودية والرق في تونس.
واعتمد هذا التاريخ لأنّ البلاد شهدت في 23 يناير/ كانون الثاني 1846، أي قبل 174 عاماً، إصدار أحمد باشا باي، عاشر البايات الحسينيين الذين حكموا تونس، قرار إلغاء الرقّ والعبودية، لتكون تونس أوّل دولة في العالم تلغي العبودية والرق بوثيقة رسمية.