تونسيات إلى سورية.. بغاء أم تغرير؟

13 مارس 2015
فتيات ينتقلن إلى مناطق الحروب تحت مسمى الجهاد(فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

فتاة في مقتبل العمر لم تتجاوز العشرين عاماً، ذهبت إلى سورية وفي اعتقادها أنها ستجاهد في سبيل الله، وأنها ستقدم الدعم والمساعدات للمقاتلين، هناك تزوجها أحدهم عرفياً، ولكن في اليوم التالي طلقها وسلمها إلى مقاتلين آخرين، وأخبرها أنها أصبحت من مجاهدات النكاح. فجأة وجدت نفسها تمارس البغاء. 


عادت إلى تونس، ولم تتمكن من الاتصال بأهلها لأنها حامل، لا تعرف من هو الوالد وما هي جنسيته. هذه قصة إحدى مجاهدات النكاح روتها صاحبتها بكل ألم وحرقة إلى "الإتحاد الوطني للمرأة التونسية" عسى يجد المشرفون هناك حلاً لمشكلتها.

وطالما أثار جهاد النكاح عديد الردود في تونس، بين مكذّب لوجود هذه الظاهرة، وبين مؤكد لها. فالعائدات من سورية عادة ما يتكتمن على طبيعة التجارب التي مررن بها، نظراً لفظاعتها وما قد يترتب عنها من تداعيات اجتماعية، ورفض المجتمع لهن ولنشاطهن. لكن في المقابل تؤكد أخريات أن جهاد النكاح موجود وأنهن ضحية مغالطات كثيرة ليعبرن عن خيبة أملهن، لأنهن كن يعتقدن بأنهن سيجاهدن في سبيل الله، فوجدن أنفسهن يمارسن البغاء بدعوى أنه "جهاد نكاح".

تقول بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية لـ"العربي الجديد" إنّ التونسيات اللاتي سافرن إلى سورية بعضهن تم استغلالهن في التجسس وفي نقل المعلومات للمقاتلين، مبيّنة أن تحركات العنصر النسائي أسهل ولا تثير الشبهات ولذلك يتم استغلال الفتيات في تأمين عمليات الاتصال والتواصل، كما أن بعض التونسيات يعملن كممرضات ويقدمن الإسعافات للمقاتلين.


وأضافت قعلول أنّ نحو 240 تونسية من مختلف الأعمار يتم استغلالهن في ما يعرف بجهاد النكاح، مبينة أن بعضهن سافرن مع أزواجهن، وأنه تم اختيار عذراوات لاستقطابهن في جهاد النكاح، مشيرة إلى أنّ بعض التونسيات يجري تشغيلهن في سورية أو في العراق بتربية الأطفال وتدريسهم العلوم الشرعية في ظل ظهور مدارس أنشئت لهذا الغرض. 

وأوضحت أنّ أغلبيتهن يسافرن عبر شبكات منظمة تجعل من سفرهن مهمة سهلة، وهي التي ترسلهن مباشرة إلى جهات محددة تتسلمهن وتوزعهن حسب طبيعة النشاط. أما أعمار مجاهدات النكاح، فتؤكد قعلول أنها تترواح بين 18 و25 عاماً، ونسبة قليلة منهن بين 15 و16 عاماً، أما اللواتي يؤمنَّ عمليات التواصل فقد تصل أعمارهن إلى 30 عاماً.

واعتبرت أنّ نسبة التونسيات اللاتي يتدربن على حمل السلاح والقتال في سورية أو ليبيا تظل نسبة قليلة، مرجحة أن يتكون لدى الفتيات الاعتقاد بأنهن بصدد أداء واجب ديني تجاه المقاتلين، مبينة أن بعضهن خضعن للتخدير أو تم حقنهن بجرعات من المخدرات، كما أن عدداً من العائدات إلى تونس أصبن بالسيدا جراء العلاقات المتعددة وغير المنظمة.

وعزت انخراط بعض الفتيات ضمن جهاد النكاح إلى عدة أسباب، منها ارتفاع نسبة العنوسة، أو عدم العثور على الزوج المناسب، بالإضافة إلى غياب المرجعيات والدور الأساسي للعائلة، وضعف الاندماج في المجتمع أو داخل الأسرة.

واعتبرت قعلول أنّ بعض المستقطبات يبحثن عن البديل ويعتقدن أنهن بجهاد النكاح يمكنهن الرجوع إلى الله، مبينة أن هناك مغريات مالية تدفع بعض الفتيات الى الانخراط في ما يسمى بجهاد النكاح.

رئيسة الاتحاد التونسي للمرأة التونسية راضية الجربي، أكدت لـ"العربي الجديد" أن التصريحات الرسمية تشير إلى وجود 3 آلاف تونسي في سورية، ومن المرجح أن هذه الأرقام تضم ما يفوق المئة تونسية في جهاد النكاح.

وأوضحت الجربي أنّ السؤال الذي يطرح بقوة هو أن التونسيات اللاتي سافرن بطريقة غير شرعية إلى سورية ماذا يفعلن هناك ولماذا؟.

ورأت أنّ الفرضيات القائمة هي أنهن سيحملن السلاح ويقدمن الدعم اللوجستي للمقاتلين من خلال تسريب المعلومات، كما أن هناك فئة منهن خصصت أساساً لممارسة البغاء تحت غطاء جهاد النكاح.

وقالت:"قانونياً لا وجود لمصطلح اسمه جهاد النكاح، ولكن هناك ما يعرف بالدعارة أو البغاء السري والذي يتم تغليفه بغطاء ديني أو بالزواج العرفي"، معتبرة أنه من الظواهر المرَضية.

وأكدت الجربي أن الاتحاد تلقى اتصالات من عائدات روين حكاياتهن، مبينة أن هناك حالة واحدة وصلت إلى المحكمة، ولكن حدث تكتم شديد حولها من قبل السلطات الرسمية، مشيرة إلى أنه بقطع النظر عن الخطأ الذي وقعت فيه بعض الفتيات ممن انخرطن في جهاد النكاح، فهن يحتجن إلى المساعدة وإلى من يأخذ بيدهن.

في السياق ذاته، يؤكد شهاب اليحياوي، متخصص في علم الاجتماع، لـ"العربي الجديد" أنّ إقناع امرأة بجهاد النكاح ليس بالأمر الهيّن، وربما يعود إلى عدة أسباب أهمها ضعف المستوى الثقافي والعلمي للمجندات، الذي يعتبر من أهم أسباب انتصار الفكر المتطرف.

وأوضح أنّ الفراغ الديني والفكري لدى الفتيات المجندات منذ الصغر، واستعدادهن للتطرف، يجعل أي شخص قادراً على إقناعهن بمثل هذا التوجه.

واعتبر أن الإغراءات المالية كبيرة، فهذا السوق يدفع بسخاء للمجندات، وبالتالي هناك من تفكر في العرض المالي وفي تجربة حظها في ما يعرف بجهاد النكاح.

اقرأ أيضاً:
زواج القاصرات جائز.. مع زفّة!
الزواج عبر جمعيات تجاريّة

المساهمون