نهاية لم تكتمل

09 سبتمبر 2017
قصة (فليكر)
+ الخط -
سنكتب قصّة. ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ العالم يصير ملكاً لك بمجرّد أن تصرخ صرختك الأولى. هو ملكك وملك آخرين. ستعيش حياةً تحاول فيها انتزاع حيّزك. مساحة صغيرة تجد فيها نفسك. والدعاء الأجمل، هو العثور على هذه المساحة في أسرع وقت، قبل أن يستعدّ العالم نفسه لتوديعك. حفلٌ بسيط، يتّشح فيه الناس بالسواد، وقد يرشّ البعض الأرز على نعشك، ثم يختفي كلّ شيء. كأنك لم تكن يوماً. أغراضك ستختفي. ولو بقيت مطويّة في الخزانة، لن يُخلّد ذكراك. هذه كذبة، يظنّ من يطلقها أنها تريحه. ومع الوقت تختفي الرائحة، ويبقى منها ما علق في أنوف من أحبّوك.

القصّة تبدو بسيطة. تولد وتصير وتزول. وقد لا تصير. ربّما تقضي عمراً وأنت تحاول أن تصير. فيلسوف أو طبيب أو مهندس أو مبرمج إلكترونيات أم متصفح لوسائل التواصل الاجتماعي أو ناشط أو فنان أو ماذا؟ الخيارات كثيرة أمامك. وها أنتَ تقفز من خيار إلى آخر. أين تكون بينها، وأنت تبحثُ عمّا يلائم مقاسك ومزاجك ومشاكلك النفسية؟ تطلب من الناس تفهّمك في ضياعك هذا، بينما هم مثلك، في متاهتهم الخاصة.

سنكتب قصّة، تكون فيها جميلاً في كلّ صباح، كما كانت تقول والدتك دائماَ. ظلّت تردّدها إلى أن صرخْتَ في وجهها. بعدها، لم تعد تجرؤ على تردادها أمامك. وحدها تراكَ كما تريد أن ترى نفسك، وتعجز. لو أنّك تجرّ وراءك كل هذا التميّز. "ابني الأول، وابني ذكي، وابني...".

قصّتك لم تكتمل بعد. صرخت إذاً، وأذّن والدك في أذنك أو لم يفعل. لبست ثياباً جديدة، وما حاكته لك جدتك، وحصلت على ألعاب من جميع أفراد العائلتين. وبعد، ليست لديك قصّة. مجرّد اسم وأسماء دلع وألعاب. لست وحدك. أنت في حياةٍ، شئت أم أبيت. تملك خيار الفرار، لكنك أجبن من أن تفعل، لأنّك في حياة، في مشاهد وأفكار وصور وأحداث ومشاعر لا تنتهي. ماذا تريد أن تصير؟ صفحات قصّتك بيضاء تحمل اسمك فقط. في كلّ صفحة، اسمك مرة أخرى، تماماً كما تراك والدتك.

أنت في منتصف العمر، وفي أزمَتِه التي تضاف إلى أزماتك السابقة. لا مكان لها في كتابك. تسكنك وحدك، وتتحوّل إلى ذلك الكائن المسكون. تسير في حياتك حاملاً كائنين. أنت كلاهما وفيهما. أهذه قصّة؟ إنسان من كائنين؟ لن تسعى مثلاً إلى أن تصير كائناً ثالثاً.

سنوات كثيرة ولم تصنع قصّتك، وأنتَ في منتصف العمر. اسمك لم يعد يملأ الصفحات البيضاء. فراغ... مجرّد فراغ. تريد أن تصير.. تسمع أنك كيان، ذات أو وجود. أنتَ الثلاثة معاً، لكن من دون حكاية. ألستَ من عشاق الحكايات؟

المساهمون