السويد في خطر... عصابات مسلّحة تنشر الرعب

10 سبتمبر 2017
في مالمو (ناصر السهلي)
+ الخط -
يخشى السويديّون تنامي أعمال العنف في بلادهم، بعد حدوث 7 عمليات قتل، عدا عن جرح آخرين فقط في مالمو منذ بداية العام الحالي. وخلال العامين الماضيين، ارتفع العدد إلى 17 شخصاً إضافة إلى بعض الجرحى، بسبب حوادث إطلاق نار وطعن. وتستغلّ أحزاب اليمين الأمر لتعزيز صفوفها، وقد بدأ عدد من رجال الشرطة التعبير عن غضبهم بسبب ما يحدث، وإلقاء المسؤوليات جزافاً، نتيجة تهريب المخدرات والسلاح والتراخي في مسائل الهجرة والترحيل.

وكانت صحف سويدية، على غرار "سفنسكا داغبلاديت"، قد حذّرت منذ عام 2016 بأن "مدناً سويدية باتت تحت سيطرة العصابات". ويحذّر أحد مدراء الشرطة السويدية في استوكهولم، لارس ألفيرشو، في الصحيفة ذاتها، من أن "الشرطة تجد نفسها تحت ضغوط كبيرة بسبب تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة، والتهديدات الإرهابية، وانتشار جرائم العصابات والتطرف"، معرباً عن خشيته من أن "النظام القضائي على حافة الانهيار".

ويشير ألفيرشو إلى تحديات تواجه شرطة بلاده في ظلّ "غياب السيطرة على بعض الضواحي، التي تسيطر عليها عصابات وتضع قوانينها. في هذه المناطق، تواجه الشرطة بالحجارة وقنابل المولوتوف والتهديدات والعنف". وبحسب تقرير لقسم العمليات في الشرطة الوطنية "نوا"، تتواجد عصابات إجرامية في 53 منطقة، والأكثر تأثّراً هي مناطق في استوكهولم وغوتنبرغ ومالمو. وفي أكثر من مناسبة، طالبت الشرطة السويدية بتخصيص موارد إضافية لحلحلة المشاكل في مناطق سويدية مختلفة، والحاجة لا تقل عن 10 آلاف ضابط للقيام بمهام متعددة. "لكن في ظل الموارد الحالية، لن تتمكن الشرطة مستقبلاً من أداء واجباتها"، بحسب ألفيرشو.

خطر

وبحسب الشرطة، لا يبدو أن الحكومة السويدية حتى بداية العام الحالي، قد أخذت التحذيرات على محمل الجد. وكان مدير الشرطة الوطنية، دان الياسون، قد أعلن في 21 يونيو/ حزيران الماضي، أن "الوضع الأمني بات خطيراً". وأوضح لوسائل إعلام سويدية: "تقاريرنا تفيد بأنّنا أمام ارتفاع عدد الأحياء السكنية الأكثر تعرضاً للجرائم من 15 حياً إلى 23".

ترتفع نسبة حوادث العنف في هذه الضاحية (ناصر السهلي) 


تقرير الشرطة السنوي الصادر في شهر يونيو/ حزيران، يؤكّد القلق الذي يعتري المجتمع السويدي، فقد ارتفعت مناطق الحظر في عام 2017 من جراء الأعمال الإجرامية إلى 61 منطقة سكنية، علماً أنها كانت 55 في العام الماضي. وما يجعل بعض الباحثين الاجتماعيين والأمنيين في حالة قلق حقيقي، بحسب وصف بعضهم، إنّ مناطق عدة في السويد باتت تحت سطوة العصابات. ويعدّد هؤلاء 53 منطقة تمتد من استوكهولم العاصمة حتى الجنوب السويدي، خصوصاً في مالمو وغوتنبرغ وضواحيهما.

مدير الشرطة الوطنية في السويد، دان الياسون، يؤكد ما جاء في التقرير السنوي عن انتشار نحو 200 شبكة عصابات في المناطق الأكثر عرضة لأعمال غير قانونية. وتضم نحو 5 آلاف عضو. وبالنسبة للشرطة، فإن التحديات "ليست أمنية فقط، بل يجب أن يساهم المجتمع في المواجهة". وبينما لم تتعد نسبة الجرائم في السويد 14 في المائة في عام 2015، فإن استطلاعاً للرأي بين رجال الشرطة في عام 2016 أظهر أن 80 في المائة من ضباط الشرطة فكروا في ترك الجهاز.



في ضواحي المدن السويدية الجنوبية، كضاحية روسينغوورد في مالمو، وغوردستين في غوتنبرغ، لا تفصل بين سماع السكان لطلقات نارية، وانفجار عبوات مصنعة محلياً، والطعن بالسكاكين، والسطو والسرقة والتهديد، أيامٌ طويلة. والمقلق على المستويين الأمني والاجتماعي أن حالة "انفلات الأمن" لم تعد بعيدة عن العاصمة استوكهولم. ففي أوبسالا، التي يقطنها عدد كبير من المواطنين المهاجرين، بات الوضع مشابهاً لما هو عليه في مناطق أخرى بعيدة عن استوكهولم. ولم يعد سراً أن أصواتاً بدأت تربط بين "الهجرة" وتزايد الانفلات الأمني.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، قال ألفيرشو، إن "بعض المناطق تشهد اعتداءات على دوريات الشرطة، من خلال الرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف".

قلق بين المواطنين

لدى الحديث مع عدد من سكان مالمو في جنوب غرب البلد، يقول البعض إنه "معتاد على سماع أخبار القتل". وتوضح أنيتا هانسون لـ "العربي الجديد": "يبدو أن مدينتنا اعتادت العنف". تعمل هانسون مرشدة اجتماعية مع الشباب. تقول: "خلال الأشهر الستة الماضية، قتل 7 أشخاص في المدينة".

الحياة تستمر (ناصر السهلي) 


أما أبو شعبان، وهو فلسطيني مقيم في البلاد منذ 15 عاماً، فيقول إن "المدينة شهدت تغيراً كبيراً خلال السنوات الماضية. سماع أصوات الطلقات النارية بات عادياً. ما تعيشه هذه المدينة محزن". بدورها، تقول ناديا ساهلين (23 عاماً)، والتي ولدت وكبرت في المدنية، إنها تنظر إلى ما يحدث بكثير من الخوف، وباتت تفتقد الشعور بالأمان. وبالنسبة إلى فيكتور نيكلاس، فهو لم يعد يتجول في المدينة ليلاً "لقد تغيرت مدينتنا كثيراً".

نفوذ

تقول مديرة الجهاز التنفيذي للشرطة الوطنية "نوا"، ليندا ستاف، إن "تطورات خطيرة بدأت تشهدها حرب العصابات. فبينما كان إطلاق النار سابقاً مصوّباً نحو الأرجل، بتنا اليوم أمام عمليات قتل من دون رحمة". بدوره، يصف رئيس شرطة منطقة الجنوب التي تشمل مالمو، وكلاس فريبيرغ، وضع مدينة مالمو بـ "الخطير". ويقول لصحيفة "أفتون بلاديت": "الواقع الذي تعيشه مالمو خطير، مع انتشار العصابات الإجرامية وأعمال العنف".

وترى ستاف أن الأمر يتعلق بعصابات تتنافس في ما بينها "وتضم في صفوفها شباناً تترواح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين. وهؤلاء يعملون في بيع وشراء المواد المخدرة ويتصرفون استناداً إلى الشرف والاحترام". تضيف: "ما يجري في الواقع حرب عصابات للدفاع عن مناطق نفوذ، وهؤلاء يتخذون من الانتقام بالقتل والعنف وسيلة. رأينا أطفالاً في العاشرة من عمرهم يُستغلون لنقل مخدرات وأسلحة لمن هم أكبر سناً".