الجريمة بحق معاذ عمارنة ليست الأولى من نوعها... ياسر صبح يروي قصته

27 نوفمبر 2019
تعرض للإصابة ذاتها في ذروة انتفاضة الحجارة (العربي الجديد)
+ الخط -
إلى ثلاثة عقود مضت، عادت الذاكرة بالفلسطيني ياسر صبح، من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، وهو يتابع عن كثب ما حل بـالمصور الصحافي الفلسطيني معاذ عمارنة الذي فقد عينه اليسرى جراء إصابته بـرصاصة اسرائيلية قبل نحو أسبوعين، فهذه الحادثة جعلت شريط الذكريات يمر أمام صبح وكأنه يحدث الآن، حينما تعرض للإصابة ذاتها، في ذروة انتفاضة الحجارة (1987 - 1992)، وفقد على أثرها عينه اليسرى أيضا.

ما جرى مع عمارنة، نكأ جراح صبح من جديد، الذي قال لـ"العربي الجديد": "تذكرت تلك الساعات العصيبة، مساء السادس من يونيو/ حزيران عام 1989، حينما اندلعت مواجهات عنيفة في نابلس، فأطلق قناص إسرائيلي رصاصة باتجاهي، كادت أن تُفجر رأسي، لولا أنها أصابت أنفي فهشمته، وانحرفت ودخلت عيني اليسرى".

شدة الإصابة جعلت البعض يعتقد أن ياسر الذي كان حينها في التاسعة عشرة من عمره، قد ارتقى شهيدا، وبالفعل فقد تم نعيه عبر مكبرات الصوت في مساجد نابلس، لكن خلال ساعات، جرى نقله إلى مستشفى في القدس المحتلة، وخضع لعملية جراحية، إذ تبين أن الرصاصة قد كسرت الحاجز بين العين والدماغ، لكنها لم تخترقه، وقد تعرضت العين للتلف الكامل، فقرر الأطباء استئصالها، لكنهم لم يبلغوا ياسر بذلك، وفي اليوم الرابع، دخل ياسر إلى الحمام، ورفع الغطاء عن عينه، فرأى كتلة لحمية حمراء ملتهبة، فأدرك أنه فقد عينه إلى غير رجعة، فوقع مغميا عليه.

ليس هذا فحسب، بل إن مقدمة الرصاصة، وهي بطول واحد سنتيمتر، لا تزال في رأسه، لم يتمكن الأطباء من استخراجها نظرا للخطورة الكبيرة التي قد تترتب على ذلك، تماما كما جرى مع المصور معاذ عمارنة.

وقد تسبب ذلك بإصابة ياسر بالصداع النصفي (الشقيقة) المزمن، وهو حتى اليوم، يجري فحوصات دورية وصورا طبقيةً، خوفا من أي مضاعفات قد تسببها الرصاصة الساكنة قرب جمجمته.

ما حدث مع صبح يؤكد أنه "نجمة في رأسه"، ويقول: "كلما تألمت منها، تذكرت كم نعاني من هذا الاحتلال الإسرائيلي! أنا فقدت عيني وغيري فقد روحه في سبيل الوطن".

رغم فداحة الضرر، لم يستسلم ياسر، وما ساعده على ذلك أنه كان وما زال يعمل في مجال البصريات وصناعة النظارات الطبية، ما يعني أنه مطلع بالكامل على وظائف العين وطرق معالجتها.

عن ذلك، يقول موجها حديثه لمعاذ عمارنة: "إن فقدان عين، يعني خسارة 25 في المائة فقط من الرؤية، لكن المشكلة تكمن في البعد الثالث، أي تقدير المسافات، خاصة للأجسام المتحركة بسرعة، بمعنى أنك لن تستطيع التقاط كرة رمى بها صديق باتجاهك، لذا فلا حل لذلك إلا بالتأقلم والتكيّف مع الوضع الجديد، حيث ستعاني يا معاذ قليلا مع سياقة السيارة والرياضة، لا سيما التي تُلعب بالكرة، أما بخصوص الشكل الخارجي، فيكمن الحل بعين صناعية فقط، تماما كما هو حالي اليوم"، مشيرا إلى أنه زرع عينا صناعية في روسيا - الاتحاد السوفييتي سابقا - بتوصية مباشرة من الرئيس الراحل ياسر عرفات.


أما على صعيد الحياة الاجتماعية والمهنية، فقد سارت بشكل طبيعي بالنسبة لياسر، حيث يقول: "رسالتي لمعاذ أن الإيمان بالله هو كلمة السر، كذلك في قوة الشخصية، والثقة بالنفس، وأنا شخصيا حققت نجاحاتي المختلفة بعد الإصابة، وأنت سوف تبدع وتتميز، لأنني شاهدتك ولمست فيك التحدي والإصرار على مواصلة الطريق، يمكن لمعاذ أن يعود لعمله كمصور صحافي، عينه السليمة مع عين الكاميرا، ستعوضانها بإذن الله".