كثُرت شكاوى الزوجات والأمهات من تدخّل الرجال في شؤون المنزل، وكثرة انتقاداتهم أو اقتراحاتهم المتكررة، بطريقة لا تخلو من الاستفزاز، بحسب عدد من النساء. غير أنّ بعضهن يؤكّدن أيضاً، أنّ الحظر يختلف من منزل إلى آخر، بحسب طبيعة الرجل. فإنّ قصصاً حول مشاركة الرجال في الأعمال المنزلية وإصلاح الأغراض والأجهزة المعطّلة أو الاعتناء بحديقة المنزل وغيرها، انتشرت بكثرة أيضا.
حول ذلك يقول الكاتب عبد الملك الحسيني (50 عاما)، إنّه عقد اجتماعا مع أسرته تباحثوا فيه كيفية تقسيم الوقت من الصباح وحتى المساء بفعل حظر التجول.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "قمنا بتوزيع المهام فيما يخصّ التعقيم والتنظيف وكذلك الاتفاق على إعداد وجبة الغداء الَتي كانت من نصيبي بمساعدة أبنائي الأربعة، ومن بعدها لدينا جدول لغسل الصحون. ثم وضعت منهاجاً مع أولادي يخصّ المطالعة واخترنا عدداً من كتب التنمية البشرية الَتي تنمّي القدرات الذاتية. ونقوم بقراءة كتاب يومياً، نتباحث حول مضمونه، ولدينا منهاج مسابقات وربما توزيع جوائز لمن هو أكثر تفاعلًا".
ويتابع الحسيني، وهو من سكان بغداد، "بالتأكيد أن الزوجة هي أكثر المستمتعين بذلك وهي تمارس دور المشرف العام، وتوجّه لي الأوامر بصفتي المدير التنفيذي للقيام بتنفيذ الخطة اليومية. لقد أصبحت زوجتي تحظى ببعض وقت الفراغ، وذلك بسبب مساعدة أبنائنا لها في بعض الأعمال، إذ لم يكونوا سابقاً بهذه الهمة والنشاط".
وتابع: "لدينا فقرة مواهب تتنوّع لدى الأولاد. المفارقة أنني أقوم بصرف المكافآت للمتميّزين من أولادي ليتفاجأوا بقرار الامتناع عن الصرف من قبل المشرف العام (والدتهم) بسبب حالة الطوارئ، تغيّر الحال كثيرا عمّا سبق، إذ مازحتني إحدى بناتي بالقول: (بابا شكرا لكورونا الّذي جعلنا نشوفك)".
من جهته، يقول الموظّف الحكومي جاسم محمد (39 عامًا) لـ"العربي الجديد"، وهو يسكن مدينة الفلوجة غرب بغداد، "وجدت وفرة في الوقت أثناء فرض حظر التجول، حيث كنت أقضي أغلب وقتي في وظيفتي، ما أثّر على التزاماتي العائليّة والاجتماعيّة، وكنت أؤجل كلّ التزاماتي إلَى أيام العطلة. لكن منذ فرض حظر التجول، استثمرت هذا الوقت في ترتيب حديقة منزلي الداخلية. إذ منذ الصباح الباكر، عكفت على جزّ العشب وتشذيب الأشجار وإعادة ترصيف القواطع الإسمنتية، فضلاً عن زرع بعض النباتات بمناسبة حلول فصل الربيع. ما كنت لأفعل أيّ من هذه الأمور، لولا وجود متسع من الوقت. كما أنّني أصررت على معالجة بعض الأمور المؤجّلة في المنزل، الأمر الّذي أضاف فرحة إلى عائلتي بالأعمال الَتي أنجزتها منذ بداية (عطلة كورونا) ولغاية اليوم".
المهندس أحمد شلال (27 عامًا)، يقول لـ"العربي الجديد": "لم أعتد الجلوس في البيت. إذ أصبحت أنام حتى العاشرة صباحا أو الحادية عشرة، بسبب الملل الشديد الذي أشعر به. فأنا أحب عملي في إحدى شركات النفط، جنوبي العراق، لذلك يمكن أن أقوم بأيّ عمل في المنزل ومشاركة أسرتي فقط للتخلّص من الملل الذي يجتاحني. لقد قمت مؤخراً بتحضير الشاي، وقد أفرح ذلك زوجتي التي تمنّت لو كانت أيامنا كلّها حظر تجول، حتى أقوم بمساعدتها ولو في صنع الشاي. أما باقي النهار فينقسم بين تناول الطعام وزيارة الجيران وأهل زوجتي القريبين من داري، كما الانشغال ببعض الأمور الَتي لم أكملها سابقًا مثل إعداد ونشر بحث خاص بمرحلة الماجستير في مجلة عالمية. وكالعادة تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي والاتصال بأهلي للإطمئنان على حالهم، بعد أن منعنا حظر التجوّل من زيارتهم".
الصحافي زاهد الشرقي (44 عامًا)، يقول لـ"العربي الجديد"، "بما أنني أعمل في مجال الصحافة، لم يتأثر عملي كثيراً بفضل وجود وسائل التواصل الحديثة مثل الهواتف والإنترنت. لكن فرض حظر التجوّل، بسبب فيروس كورونا، جعلنا نقضي وقتاً أكثر في المنزل. الأمر الذي دفعني للإستفادة من تلك الساعات بمشاركة الأهل بعض الأعمال المنزلية، حتى أصبحت أدخل المطبخ وأساهم في إعداد الطعام، بل حتى صرت أشارك بعملية تجهيز الخبز العراقي عن طريق (خبزه بالتنور)، بالإضافة إلى وضع خطة لتنفيذ بعض الأعمال المنزلية".
وأضاف الشرقي، وهو من سكّان محافظة ديالى، أنّنا اصبحنا اليوم، بسبب الحظر، أقرب إلى العائلة. لذلك بدأت بتنفيذ الأعمال المؤجّلة. كذلك لديّ فكرة للمباشرة في كتابة قصة كنت متردداً في السابق في تدوينها. لكن يبدو بأن الوقت قد حان للمباشرة في كتابتها، وكذلك استغلّ الوقت في القراءة، ومتابعة الأخبار والأحداث العراقية والعربية والعالمية. أما زوجتي فهي، على حالها، تساندني وتقدّم لي الدعم دائماً، لأنها تعلم بأن حظر التجوّل قيّد من حركتي".