معصرة السمسم.. تراث الفلسطينيين في الخليل

18 أكتوبر 2018
يتجاوز عمر المعصرة ألف عام (فيسبوك)
+ الخط -

ما زالت رائحة زيت السمسم عالقة في حي القزازين بالبلدة القديمة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، منتصرة على رائحة الاستيطان الكريهة المتفشية في غالبية الأحياء، في محاولة لطمس هوية المدينة العربية وطرد الفلسطينيين منها، لـتهويد الخليل القديمة.

في الممرات الضيقة، ثمة حجارة تتحدث بلغة الأجداد تقود إلى معصرة "اقنيبي"، وهي معصرة تعود إلى عهد المماليك، عمرها يتجاوز الألف عام، كانت تستخدم لاستخراج زيت السمسم ومشتقاته، بأدوات بدائية شاهدة على عروبة الخليل ومفنّدة محاولات الاحتلال ربط معالم المدينة بتراثه اليهودي.

هُجر المبنى الأثري للمعصرة في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، عندما دخلت الأدوات الأكثر حداثة والتي واكبت التطور التكنولوجي، وتوقفت عن العمل لسنوات طويلة. وعزز الاحتلال الإسرائيلي من هجرانها، عندما بدأ يفرض إجراءات عسكرية في محيط البلدة القديمة، والتضييق على السكان، حتى بات الحي الذي فيه المعصرة فارغا من التواجد الفلسطيني.

تعود المعصرة لعصر المماليك (فيسبوك)

تحتفظ المعصرة بالطاحونة الحجرية القديمة التي كانت تستخدم لطحن السمسم والتي يعود تاريخها لمئات السنين، وكذلك على أحواض حجرية كان السمسم ينقع فيها بالماء والملح لغسله من الشوائب وتنقيته، وأيضا لتسهيل عملية تقشيره، إضافة إلى أنه يوجد فيها الفرن القديم الذي كان يستخدم لتحميص السمسم، وهنالك أيضا القنوات التي كانت تستخرج الطحينة بداخلها.

مازالت تحتفظ بالطاحونة الحجرية (فيسبوك) 

ويقول هشام مرقة، صاحب المعصرة، لـ"العربي الجديد"، إن المعصرة تحولت اليوم إلى متحف يضم عددا كبيرا من المقتنيات التراثية الفلسطينية، وإن جزءا آخر منها تحول إلى متجر لبيع المشغولات التراثية اليدوية الفلسطينية، وهذا كله يعبر عن رغبة الفلسطينيين في الحفاظ على تراثهم وتذكّر حياة الأجداد.

يتوافد الفلسطينيون إلى المعصرة لاسترجاع ذكريات الماضي، واستعادة ما يمكن استعادته من حياة الأجداد القديمة، بينما تتوافد بعض مجموعات السياح الأجانب إليها للتعرف على هوية الفلسطيني ومحاولته مواجهة رواية الاحتلال الذي يريد أن يسرق المدينة بتراثها ونسْبها للهوية اليهودية.

تحولت معصرة السمسم إلى متحف (فيسبوك)

ويطالب مرقة، بدوره، الجهات الرسمية الفلسطينية، بضرورة تعزيز السياحة المحلية، وبعث الحياة في حي القزازين إلى ما كانت عليه، في ظل محاولات تهويد المدينة ومنع الفلسطينيين من التواجد هناك، من خلال قتل الاحتلال كافة مظاهر الحياة فيها.

أعيد ترميم المبنى في عام 2014 على يد لجنة إعمار الخليل، كمعلم تاريخي أثري فلسطيني، يعزز تواجد الفلسطينيين في البلدة القديمة، وفق محمود التميمي، عضو لجنة إعمار الخليل، الذي أشار إلى أن إعمار مثل هذه الأماكن من شأنه أن يشكل جدار حماية للوجود العربي الفلسطيني في المدينة التي تتعرض لأشرس هجمة استيطانية.

تحتفظ بمكوناتها القديمة (فيسبوك)



يقول التميمي لـ"العربي الجديد" إن لجنة الإعمار عمدت إلى ترميم المعصرة بالطريقة القديمة، وباستخدام مواد أصلية ولم تُجر فيها أي تغيير، كل شيء في المكان يبدو على حاله، كما كانت حياة الأجداد.

يوجد فيها الفرن القديم (فيسبوك)

 

دلالات