الخامس من يوليو بالجزائر.. احتفالية الاستقلال بطعم النصر

05 يوليو 2017
تذكر الماضي والأمل في المستقبل (العربي الجديد)
+ الخط -
"الحمد لله لم يعد هناك استعمار في بلادنا، تحيا الجزائر حرة وسط البلدان"، هي أغنية تغنى بها الجزائريون عقب الحصول على الاستقلال في الخامس من يوليو/ تموز عام 1962، وهي نفس الكلمات التي ردّدها الحاج محمد الطاهر مدور (83 سنة)، بحب كبير وهو يتصفح الجرائد ويعود بذاكرته لهذه المحطة التي أصبحت موعداً قاراً للاحتفال واستحضار النضال الثوري من أجل الحرية.


يقول محمد الطاهر الذي كان شاهداً على محطات كثيرة، لـ"العربي الجديد": "لا يمكنكم أن تعرفوا أو تخبروا معنيين مفارقين هما الحرية والاستعمار، جيل ما بعد الاستقلال لم يجرب الاستشهاد في سبيل الوطن، ولا القبض بيد من جمر على وقائع تاريخية تروي جزءاً بسيطاً من عذابات شهداء الجزائر".


ويتابع بحرقة لـ"العربي الجديد": "رغم كل العذابات التي ذاقها أبناء الوطن، لكن من ينكر نعمة الأمن والحرية فهو جاحد وكافر، الجزائر تتوفر اليوم على عشرات الجامعات والمدارس والكليات والثانويات والمستشفيات والطرقات والمؤسسات، وهناك جهود مبذولة للقضاء على الأمية، والعيش الكريم".


يلتقط منه خيط الحكي صديقه بلقاسم آيت يعلى، وهو يتباهى بحب الجيل القديم لبلده وتضحياته لأجله، مقارنة بجيل اليوم الذي ينحصر حبه في مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون، ويقول لـ"العربي الجديد" "نحن ما زلنا نتذكر يوم خرج الاستعمار، وكيف احتفى الجزائريون الأحرار بنيل الاستقلال".

يوم ظل موسوماً في ذاكرة كل الجزائريين، وتعددت مظاهر الاحتفال به لدى جيل اليوم، بين من اختار استحضار اللحظة بصور تؤرخ تلك اللحظات، وتخلد أيضاً ابتسامة الثكالى واليتامى من أرامل الشهداء وأبنائهم، من بينها صورة: "الشعب هو البطل".



فيما تناقل ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي صوراً قديمة لاحتفالات الجزائريين أثناء النصر، حيث توشحت النساء بلباس "الحايك " الأبيض اللباس التقليدي الخاص بالمرأة وهي ترفع العلم الوطني، فيما صعد العشرات على الشاحنات وجابوا الشوارع للاحتفال بالنصر بعد 130 عاماً من الاستعمار، وتعالت الزغاريد والتصفيقات.

يتذكر جيل الاستقلال الوقائع وكأنها اليوم (العربي الجديد)



وتقول السيدة مونى أرملة شهيد لـ"العربي الجديد"، "لا يمكن لأي فرحة أخرى أن تعوض النصر على المستعمر، فهي ولادة جديدة"، مضيفة :"أقول للشباب أحبوا وطنكم الذي ليس لكم غيره، فهذه الأرض سقيت بدماء الشهداء". 

احتفالات خاصة ...كلنا جزائريون

شهدت العاصمة الجزائرية، اليوم، احتفالاً شعبياً بمناسبة عيد الاستقلال الذي يصادف الخامس من يوليو/ تموز من كل سنة، حيث انتظم كرنفال احتفائي وسط العاصمة، سارت فيه سيارات قديمة تعود إلى عهد الاستعمار الفرنسي تحمل العلم الجزائري، وشاحنات تحمل مجسمات وصوراً تعبر عن النضال الثوري للشعب الجزائري من أجل الحرية والاستقلال.

احتفالات تؤرخ للحصول على الاستقلال (العربي الجديد)



وفي ساحة مقام الشهيد في أعالي العاصمة الجزائرية أقام الجيش الجزائري معرضاً مفتوحاً للعتاد العسكري، عرضت خلاله لأول مرة نماذج منظومات للمدفعية، ومدافع محمولة على شاحنات، ومنظومات أخرى مضادة للدبابات ومجهزة بأحدث وسائل الاتصال روسية وصينية الصنع تم إدخال تعديلات عليها في مصانع جزائرية.


وتكتسي ذكرى الاستقلال حفاوة كبيرة بالنسبة للجزائريين، حيث تمثل نهاية قرن و32 سنة من الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي استوطن الجزائر وما زال تعلق الجزائريين بصور الشهداء وذكريات الثورة والنضال استثنائياً، إذ تحرص البلديات على إطلاق أسماء الشهداء على الشوارع والمعالم الكبرى في المدن، والاعتناء بمقابر الشهداء وزيارتها، كما تحرص أفواج الكشافة على إحياء احتفاليات ومسيرات بالمناسبة، تخليداً لذكرى الثورة والاستقلال واعترافًا بتضحيات الشهداء.

"اليوم كلنا جزائريون" هو الشعار الذي ردده كثيرون، فعيد الاستقلال يعني عيد النصر، عيد الحرية، بعضهم قال لـ"العربي الجديد" وهو يجوب شوارع "الشهيدة حسيبة بن بوعلي" و"الشهيد مراد ديدوش" والشهيد "زيغود يوسف" ليرى إنجازات الوطن، بالرغم من كل المشاكل التي يتخبط فيها المواطن في الجزائر العميقة، "كلنا نغني لأجل بلد واحد نطمح لأن يتطور بتظافر الجهود، رغم الصعاب التي عرفتها الجزائر والتي تذكر بعضهم أيضاً بنعمة الأمن والاستقرار.

مساع لغد أفضل في الجزائر (العربي الجديد)


 كثيرون يرددون: "نحن نرفض الألم، ونحب الخير للبلد، لأننا نعرف معنى أن تعيش وأنت تنتظر قنابل المستعمر وهي تدك القرى والمداشر، وتختطف الرجال وتغتصب النساء وتجعلهم جميعاً يحفرون قبورهم بأيديهم" كما قال الأستاذ الجامعي والطبيب، ياسين بن دالي، لـ"العربي الجديد"، داعياً إلى ضرورة إيجاد ما يوحدنا لا ما يفرقنا والذكرى اليوم هي للوحدة وللحفاظ على أمانة الشهداء".