أمراض التعدين تضرب الموريتانيين

16 مايو 2015
الوضع في محيط منجمي "تازيازت" و"أكجوجت" سيئ للغاية (Getty)
+ الخط -
ازداد عدد شركات التعدين في موريتانيا في السنوات الثلاث الأخيرة وتطور نشاطها. لكنّ ذلك يترافق مع اتهامات لها بتلويث البيئة وتسميم التربة والمياه الجوفية والتسبب بأمراض خطيرة، خصوصاً في المناطق الشمالية التي تضم مناجم الذهب والحديد والنحاس.

يشير الخبراء إلى أنّ تلك الشركات الأجنبية تستغل ضعف الرقابة وتفشي الفساد والرشوة في الإدارة، للتملص من الشروط التي تفرض عادة على هذا النوع من الشركات.

ويربط الموريتانيون بين انتشار الأمراض، خصوصاً السرطان بالنفايات السامة المطمورة في مناطق الشمال والوسط. ويؤكد الخبراء أنّ شركات التعدين لا تحترم شروط عملها في ما يتعلق بأعمال التنقيب وطمر النفايات في المناطق التي تعمل فيها.

ومع تزايد نشاط الشركات، ومنح الحكومة رخص التنقيب عن المعادن لشركات مغمورة، تتصاعد الأصوات المطالبة بمراجعة العقود، ومراقبة عمل الشركات.

وفي هذا الإطار، يقول الناشط في مجال البيئة والموارد الطبيعية سيد أحمد ولد الحريطاني لـ"العربي الجديد": "لاحظ سكان المناطق الشمالية ارتفاعاً في الإصابات بأمراض سرطانية وغير سرطانية جديدة بعد ازدهار نشاط الشركات الأجنبية التي تستخرج الذهب والنحاس. كما يشتكي مربو الماشية من نفوق حيواناتهم بشكل كبير ومقلق، مما يعطي إشارات قوية على تدمير الشركات لبيئة موريتانيا".

ويتابع أنّ الوضع البيئي في محيط منجمي "تازيازت" و"أكجوجت" سيء للغاية بسبب أساليب عمل شركات التعدين والطرق المتبعة في عملياتها، والتأثيرات السلبية التي تخلفها المواد الكيميائية والسموم التي تستخدمها. ويضيف: "هناك تقارير لخبراء ومراقبين وشهادات لعمال من هذه الشركات تؤكد تزايد نسبة الإصابة بالأمراض الخبيثة في المناطق التي تعمل فيها الشركات، وظهور أمراض لم تكن معروفة فيها. كما لوحظ انتشار الموت المفاجئ للصبية والشيوخ وتزايد حالات الإجهاض والموت المبكر للمواليد".

ويقول ولد الحريطاني: "انتشار السموم والمواد الكيميائية سيكون له تأثير أخطر على البيئة يمتد لعقود. ولا بد من المسارعة إلى فحص التربة والمياه الجوفية ورصد ترسبات بعض المواد السامة في المنطقة التي تعمل بها شركات التعدين، وإجراء تحقيق رسمي لأنّ الباحثين ليس لديهم الإمكانيات للقيام به".

في المقابل، تصدر الشركات العاملة في مجال المعادن من حين إلى آخر، بيانات تنفي إصابة سكان المناطق التي تعمل فيها بالتسمم أو تلويثها البيئة. وتعتبر أنّ ما يقدمه الخبراء وتنشره الصحافة مجرد معلومات مغلوطة هدفها عرقلة عملها.

لكنّ الخبير الفلاحي محمد الأمين ولد أحمد، يؤكد في ملخص دراسة أجراها بهذا الخصوص، وجود خطر كبير على البيئة والكائنات الحية، يتمثل في مادة السيانيد السامة المخزنة في حاويات محاطة بسياج خاص. لكنّ السياج غير كاف لمنع تسرب المادة السامة. ويتابع أنّ المادة المرتبطة بالسيانيد تتبخر من الأحواض تحت تأثير حرارة الشمس، ليبقى السيانيد عالقاً في الماء المتبخر الذي ينتقل بالهواء إلى المناطق المجاورة بحسب قربها، وقوة الرياح واتجاهها، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الأمطار.

من جهتها، تتجاهل السلطات التقارير والدراسات التي تؤكد انعدام إجراءات الأمان البيئي في شركات التعدين. وهو ما يدفع بعدد من المدونين والخبراء الى إطلاق حملات ضد الشركات.

وتهدف الحملات الى كشف انتهاكات الشركات الأجنبية لقوانين البيئة وتدميرها للوسط المحيط بها، ونهب ثروات موريتانيا المعدنية، وتكوين رأي عام مناهض لعمل الشركات التي تقدم رشاوى للتستر على جرائمها.

ويقول الباحث البيئي والناشط في الحملات الشيخ ولد سعد أبوه لـ"العربي الجديد": "الهدف من هذا الحراك دفع الشركات إلى معالجة الأراضي الملوثة والأحواض المكشوفة والمخلفات المعدنية، واتخاذ تدابير لتعويض المتضررين وتوفير أجهزة للرصد المبكر".

كما يشير إلى أنّ الحملات لا تعترض على استخراج الثروات الطبيعية بطريقة سليمة تضمن حق الشعب، وتحافظ على البيئة، لكنها ترغب في وقف هذا التلوث القاتل واستعمال مواد أقل إضراراً بالبيئة. ويطالب بتفعيل دور "السلطة الوطنية للحماية من الإشعاع والأمن والسلامة النووية" (حكومية)، وتطوير أساليب التفتيش ومنح الرخص وإرغام الشركات على معالجة وتخزين النفايات وفق المعايير الدولية.

إقرا أيضاً: كارثة بيئية في صحراء موريتانيا
دلالات
المساهمون