مع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 2014، تواجه أوكرانيا تحدي استمرار تراجع عدد سكانها الذي سجل انخفاضاً قدره 100 ألف نسمة تقريباً خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ليبلغ 42 مليوناً و56 ألف نسمة، بحلول 1 مايو/ أيار الماضي، بالمقارنة مع 43 مليون نسمة قبل خمس سنوات، وفق أرقام هيئة الإحصاء الأوكرانية "غوس ستات".
تتوالى تحذيرات دولية من مزيد من تراجع عدد سكان البلاد، إذ توقعت الأمم المتحدة انخفاضاً تدريجياً لأعداد الأوكرانيين إلى 40 مليوناً و880 ألف نسمة بحلول عام 2030، و38 مليوناً في عام 2040، ونحو 35 مليوناً فقط بحلول منتصف القرن الحالي. وسبق لصندوق النقد الدولي توقع انخفاض عدد المواطنين المقيمين في أوكرانيا إلى 41 مليوناً بحلول عام 2024.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، يرجع رئيس قسم التاريخ الحديث والسياسة في معهد تاريخ أوكرانيا في كييف، جيورجي كاسيانوف، هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها تفوق عدد الوفيات على المواليد، وتردي الأوضاع الاقتصادية، والهجرة، والحرب في منطقة دونباس الواقعة شرقي البلاد والموالية لروسيا.
يقول كاسيانوف في اتصال مع "العربي الجديد": "منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، بات عدد الوفيات يفوق عدد المواليد، ليصل حالياً إلى 58 مولوداً مقابل كلّ 100 من المتوفين. كذلك، فإنّ انتقال السكان من المناطق الريفية إلى الحضر أدى إلى تراجع حالات الإنجاب إلى طفل واحد أو طفلين في كلّ أسرة، بينما يتطلب تحقيق الزيادة السكانية أن يكون هناك ثلاثة أطفال في كلّ عائلة في المتوسط".
ولا تخلو أوكرانيا، شأنها في ذلك شأن غيرها من المجتمعات الأوروبية، من تزايد اندماج المرأة في سوق العمل، ما يدفعها إلى تأجيل الإنجاب. ويعلق كاسيانوف على ذلك: "في السابق، كانت أغلبية النساء ينجبن الطفل الأول قبل عمر 25 عاماً، لكنّهن لا يستعجلن في الإنجاب اليوم، للمضي قدماً في مسيرتهن المهنية وكذلك بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية وتدني المداخيل".
بعد إقدام موسكو في مارس/ آذار 2014 على ضم شبه جزيرة القرم واندلاع الحرب في دونباس، توجهت كييف نحو الابتعاد عن روسيا والتكامل مع الغرب، كما فتح إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2017 باباً لهجرة مزيد من الشباب من أوكرانيا. وبحسب أرقام مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، كانت أوكرانيا عام 2017 هي المصدر الرئيس للهجرة الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت نسبة الأوكرانيين بين الأجانب الذين حصلوا على أوراق الإقامة لأول مرة في أحد البلدان الأوروبية 21 في المائة، وذلك بواقع 662 ألفاً من أصل 3.1 مليون. وبذلك تفوق الأوكرانيون بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً على السوريين الذين وصل 223 ألفاً منهم إلى الاتحاد الأوروبي في 2017.
واختارت الأغلبية الساحقة من المهاجرين الأوكرانيين (585 ألفاً) بولندا وجهة لاغترابهم بهدف العمل، لتصبح الدولة الأولى أوروبياً استقبالاً للأجانب. إلى ذلك تصدر الأوكرانيون أعداد المهاجرين الوافدين إلى خمس دول أوروبية أخرى، وهي المجر وليتوانيا وسلوفاكيا والتشيك وإستونيا.
كذلك، فإنّ هناك جالية أوكرانية كبيرة في روسيا تضم نحو 3 ملايين مغترب، بالإضافة إلى نحو مليوني مواطن روسي من أصل أوكراني يشكلون بذلك ثالث أكبر قومية في روسيا بعد الروس والتتار. مع ذلك، يوضح كاسيانوف أنّ عدد سكان أوكرانيا البالغ 42 مليوناً، يشمل جميع المواطنين، سواء أكانوا مقيمين في الداخل أم مغتربين، وبذلك لا تؤثر حركة الهجرة على إجمالي عدد سكان البلاد، مشيراً من جانب آخر، إلى تعذر حصر عدد السكان في "الأراضي المحتلة" أي في شبه جزيرة القرم.
في المقابل، ساعد ضم القرم روسيا التي تواجه أيضاً تحدي تراجع عدد السكان، في زيادته من نحو 143 مليون نسمة إلى أكثر من 146 مليوناً عام 2014، لكن من دون أن تتغلب هي الأخرى على مشكلة تراجع المواليد.
اقــرأ أيضاً
يذكر أنّ عدد سكان أوكرانيا بدأ في التراجع منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ تظهر أرقام هيئة الإحصاء الأوكرانية "غوس ستات" أنّ عدد سكان أوكرانيا ما بعد الاتحاد السوفييتي بلغ ذروته عام 1993، وذلك بواقع 52 مليون نسمة تقريباً. لكنّ تعداداً للسكان أجري عام 2001، أظهر تراجع عدد سكان البلاد إلى 48.2 مليون نسمة، من دون أن يُجرى تعداد جديد للسكان منذ ذلك الحين.
خليط عرقي
كغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، تضمّ أوكرانيا في حدودها غير المجتزأة، خليطاً من الإثنيات أبرزها الأوكران والروس والبيلاروس، ثم المولدافيون، وتتار القرم والبلغار والمجريون والرومانيون والبولنديون والأرمن ويهود خاركيف واليونانيون والتتار والغجر والأذريون وغيرهم.
تتوالى تحذيرات دولية من مزيد من تراجع عدد سكان البلاد، إذ توقعت الأمم المتحدة انخفاضاً تدريجياً لأعداد الأوكرانيين إلى 40 مليوناً و880 ألف نسمة بحلول عام 2030، و38 مليوناً في عام 2040، ونحو 35 مليوناً فقط بحلول منتصف القرن الحالي. وسبق لصندوق النقد الدولي توقع انخفاض عدد المواطنين المقيمين في أوكرانيا إلى 41 مليوناً بحلول عام 2024.
في هذا الإطار، يرجع رئيس قسم التاريخ الحديث والسياسة في معهد تاريخ أوكرانيا في كييف، جيورجي كاسيانوف، هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها تفوق عدد الوفيات على المواليد، وتردي الأوضاع الاقتصادية، والهجرة، والحرب في منطقة دونباس الواقعة شرقي البلاد والموالية لروسيا.
يقول كاسيانوف في اتصال مع "العربي الجديد": "منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، بات عدد الوفيات يفوق عدد المواليد، ليصل حالياً إلى 58 مولوداً مقابل كلّ 100 من المتوفين. كذلك، فإنّ انتقال السكان من المناطق الريفية إلى الحضر أدى إلى تراجع حالات الإنجاب إلى طفل واحد أو طفلين في كلّ أسرة، بينما يتطلب تحقيق الزيادة السكانية أن يكون هناك ثلاثة أطفال في كلّ عائلة في المتوسط".
ولا تخلو أوكرانيا، شأنها في ذلك شأن غيرها من المجتمعات الأوروبية، من تزايد اندماج المرأة في سوق العمل، ما يدفعها إلى تأجيل الإنجاب. ويعلق كاسيانوف على ذلك: "في السابق، كانت أغلبية النساء ينجبن الطفل الأول قبل عمر 25 عاماً، لكنّهن لا يستعجلن في الإنجاب اليوم، للمضي قدماً في مسيرتهن المهنية وكذلك بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية وتدني المداخيل".
بعد إقدام موسكو في مارس/ آذار 2014 على ضم شبه جزيرة القرم واندلاع الحرب في دونباس، توجهت كييف نحو الابتعاد عن روسيا والتكامل مع الغرب، كما فتح إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2017 باباً لهجرة مزيد من الشباب من أوكرانيا. وبحسب أرقام مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، كانت أوكرانيا عام 2017 هي المصدر الرئيس للهجرة الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت نسبة الأوكرانيين بين الأجانب الذين حصلوا على أوراق الإقامة لأول مرة في أحد البلدان الأوروبية 21 في المائة، وذلك بواقع 662 ألفاً من أصل 3.1 مليون. وبذلك تفوق الأوكرانيون بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً على السوريين الذين وصل 223 ألفاً منهم إلى الاتحاد الأوروبي في 2017.
واختارت الأغلبية الساحقة من المهاجرين الأوكرانيين (585 ألفاً) بولندا وجهة لاغترابهم بهدف العمل، لتصبح الدولة الأولى أوروبياً استقبالاً للأجانب. إلى ذلك تصدر الأوكرانيون أعداد المهاجرين الوافدين إلى خمس دول أوروبية أخرى، وهي المجر وليتوانيا وسلوفاكيا والتشيك وإستونيا.
كذلك، فإنّ هناك جالية أوكرانية كبيرة في روسيا تضم نحو 3 ملايين مغترب، بالإضافة إلى نحو مليوني مواطن روسي من أصل أوكراني يشكلون بذلك ثالث أكبر قومية في روسيا بعد الروس والتتار. مع ذلك، يوضح كاسيانوف أنّ عدد سكان أوكرانيا البالغ 42 مليوناً، يشمل جميع المواطنين، سواء أكانوا مقيمين في الداخل أم مغتربين، وبذلك لا تؤثر حركة الهجرة على إجمالي عدد سكان البلاد، مشيراً من جانب آخر، إلى تعذر حصر عدد السكان في "الأراضي المحتلة" أي في شبه جزيرة القرم.
في المقابل، ساعد ضم القرم روسيا التي تواجه أيضاً تحدي تراجع عدد السكان، في زيادته من نحو 143 مليون نسمة إلى أكثر من 146 مليوناً عام 2014، لكن من دون أن تتغلب هي الأخرى على مشكلة تراجع المواليد.
يذكر أنّ عدد سكان أوكرانيا بدأ في التراجع منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ تظهر أرقام هيئة الإحصاء الأوكرانية "غوس ستات" أنّ عدد سكان أوكرانيا ما بعد الاتحاد السوفييتي بلغ ذروته عام 1993، وذلك بواقع 52 مليون نسمة تقريباً. لكنّ تعداداً للسكان أجري عام 2001، أظهر تراجع عدد سكان البلاد إلى 48.2 مليون نسمة، من دون أن يُجرى تعداد جديد للسكان منذ ذلك الحين.
خليط عرقي
كغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، تضمّ أوكرانيا في حدودها غير المجتزأة، خليطاً من الإثنيات أبرزها الأوكران والروس والبيلاروس، ثم المولدافيون، وتتار القرم والبلغار والمجريون والرومانيون والبولنديون والأرمن ويهود خاركيف واليونانيون والتتار والغجر والأذريون وغيرهم.